خالد الربيعان
إدارة الأزمات للاتحادات والأندية يجب أن تكون حاضرة في دليل الإجراءات الخاص بها إذا كانت تملك هذا الدليل طبعًا! إليكم قصة حقيقية عن سوء إدارة الأزمات وسوء قراءة المستقبل، بما أننا على مشارف كأس العالم في قطر والمناوشات الروسية الأوكرانية مع دول الناتو بقيادة أمريكا.
سأسرد لكم قصة ماكدونالدز العملاقة في أولمبياد 84! أمريكا تستضيف الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس عام 84، فَكَّرَ قبلها على مدى شهور طويلة مسوقو شركة ماكدونالدز، باعتبار أنها من أكبر الكيانات في أمريكا، عن حملة إعلانية كبيرة تجعلها تحقق أكبر مكسب مالي ممكن!
بالفعل الحملة نزلت بعنوان: “لو فازت أمريكا: أنت تفوز”!! كانت بالضبط كالتالي: تشتري أنت وجبتك من أي فرع، تجد فيها كارتًا قابل للخدش! “تخدش” الكارت لتجد اسم لعبة من ألعاب الأولمبياد وهي كثيرة جدًا! الصفقة كالتالي: لو أمريكا حققت في اللعبة التي ظهرت لك ميدالية ذهبية: أنت تفوز بوجبة كاملة “كومبو”! وهكذا الفضية والبرونزية.. جميل! غير الجميل هو أن التسويق بماكدونالدز، وهم في منتهى الاحترافية، حسبوا كل شيء بناءً على آخر أولمبياد شاركت فيه أمريكا وهو أولمبياد 1976! وليس 1980! لأن أولمبياد 1980 كان في الاتحاد السوفيتي (روسيا الآن)، وقاطعته أمريكا نظرًا للعداوة السياسية بينهما، كان الطرفان في أوج الحرب الباردة!
حقق الأمريكان في أولمبياد 1976 بكندا 94 ميدالية! ومسوقو ماكدونالدز عملوا حساباتهم في إطار هذا الرقم! بدأت الأولمبياد ونزلت الحملة بالتلفزيون بالفعل وصرفوا على الإعلانات 190.8 مليون دولار! والمفاجأة قام الاتحاد السوفيتي بمقاطعة الأولمبياد كما فعلتها أمريكا في أولمبياد موسكو عملًا بمبدأ “الرد بالمثل”!
النتيجة وجد الرياضيون الأمريكان أنفسهم بلا منافس حقيقي بعد انسحاب الروس! وحققوا في النهاية 174 ميدالية! منها 83 ميدالية ذهبية، بعد أن كانت 34 ذهبية في أولمبياد 76!
على الجانب الآخر، تكبدت ماكدونالدز خسائر فادحة! والملايين من الأمريكان أصبحت لهم وجبات مجانية، لم تستطع الشركة السيطرة على الأمر، في النهاية لم تحقق الحملة نصف الأرباح المتوقعة! لتقوم الشركة بإلغاء هذا العرض لتصبح فضيحة إلى الآن! وتكون المصيبة هذه المرة من نصيب ماكدونالدز وبحجم الـ “كومبو”!
هذه الحملة أصبحت في كتب التسويق الرياضي كمثال على الفشل التسويقي في عدم قراءة المستقبل وعدم تفعيل إدارة الأزمات والمخاطر، وأيضًا عدم حساب وتقدير “المفاجآت” والعوامل “السياسية”.
*نقلاً عن الرياضية السعودية