أسئلة التوقيع
عبد اللطيف الزبيدي
ما هي الحسابات التي دارت في رأس ترامب، وانتهت بتوقيعه على نقل السفارة؟ من العسير تصور الارتجال وراء الصاعق. ضع قائمة للاحتمالات، سترى فيها التخطيط الماكر، الاستفزاز، التهور، خلط الأوراق، اختبار ردود الفعل، دفع الأمور إلى أبعد حد للتخلص من أعباء الركود السلبيّ، المغامرة على طريقة «يا تصيب، يا تخيب»، ما لا يحصى من التفسيرات.
أصحاب الشأن العرب، لم يخطر ببالهم منذ 1995، التساؤل: إلى متى سيظل التوقيع الرئاسيّ يؤجل ويتجدد التأجيل كل ستة أشهر؟ جرى التأجيل أربعين مرة. لم يسأل أحد: ماذا لو وُقّع القرار؟ ما هي التداعيات؟ كيف ستكون ردود الفعل عربيّاً وإسلاميّاً وعالميّاً إزاء قرار يتنافى والقانون الدولي؟ ما هي عواقب انفلات المقاليد إذا رفضت واشنطن التراجع متحدية جميع الأطراف؟ كيف سيؤمن العربيّ بأن في الأرض قانوناً دولياً؟ كيف يُوصى الناس باحترام القوانين؟ سيقولون: لماذا نصر على السلام الذي كان حرباً على العرب طوال قرن؟ من كل تلك القائمة من الاحتمالات، سيقف ذهنك عند السؤال الذي يجب أن يعكف على دراسته النظام العربيّ: هل أعظم هدية يهديها ترامب إلى «إسرائيل» قبيل رأس السنة الميلادية، هي أن يضع المنطقة على بركان؟ لم يكترث العرب للقواعد الجيوسياسية للأمن القومي، لكن جرّة قلم في إمضاء، ترينا أن كل مشاهد التفرق العربية، مجرد أباطيل. عند الشدائد تظهر العرى والطاقات المهملة التي استهزأت بها المخططات.
أغلب الظن أن الرئيس الأمريكيّ فتح باب جهنم على الغاصبة، التي أراد أن يسدي إليها أعظم خدمة توصلت إليها رعايته وعنايته وحمايته. طار نتنياهو إلى بلجيكا عاصمة الاتحاد الأوروبي راجياً أن يحذو الأوروبيون حذو ترامب، فاصطدم برفض كل المنظومة دوس الاتفاقات الدولية. بعد عودته صدمته انتفاضة لا يعرف أحد، حتى الذين يوقدونها، مداها وتحولاتها. الصدمة الدامغة الأخرى: ثبت أن الاستيلاء على القدس أصعب مليون مرة من السطو على مدينة أو بلدة أخرى. هنا، لا مفاوضات ولا عملية سلام خادعة. غباء الغاصب هو أنه ظل قرناً يعمل ضد السلام بهمجية ممزوجة بالاستهانة، اليوم صارت إقامة سلام معه فكرة عبثيّة، لأنه قضى على السلام بالضربة القاضية.
لزوم ما يلزم: النتيجة المأزقية: هل يكون ترامب، لا إراديّاً قد أوقع الغاصبة في هوّة، حتى ترى نفسها معزولة ليس أمامها غير أن تعيد الحقوق إلى أصحابها مكرهة؟
abuzzabaed@gmail.com