أطواق النجاة التنموية (2-2)
عبد اللطيف الزبيدي
كيف كان المتعذر في جل البلاد العربية، ممكناً في دولة الإمارات العربية المتحدة؟ التنمية ليست لعبة ورق أو خفة يد تطيّر الحمائم من القبعات، فالتحولات التنموية الملموسة شاهد عيان براهينه لا تكذب؛ لأنها تحت مجهر تقارير الشفافية الدولية.
تجب العودة بالخريطة العربية إلى سنة 1972: كيف كانت صورة الإمارات آنذاك بين شقيقاتها، وكيف هو المشهد اليوم؟
من الضروري وضع النظام السياسي الاتحادي (الكونفدرالي) في الحسبان، كعامل في غاية الأهمية، مساعد على تنوع خصوصية الابتكار التنموي في الإمارات السبع، التي تتشكل منها الدولة. المحور هو تعدد الخصوصيات المتجاوبة ضمن هوية واحدة.
لا شك في أن بنية الدولة التي قامت على انعدام المركزية الفردية المطلقة، حمى الإمارات وشعبها من تسلطية القرار الوحيد القسري الشائعة عربياً، فكانت حرية الحركة الابتكارية باعثاً للمكونات على التميز التنموي. قيام الدولة على هيئة اتحاد، لا شك في أنه من أهم ميسّرات التنمية المستدامة المتفرّدة المحلية، مما يوجد ديمقراطية وتنافسية تخدمان المصلحة العامة.
تلك الديمقراطية الخاصة غير المستوردة، حققت أهم عنصر لحياة الدولة على مر السنين، وهو النجاة من نشوء السلطة الفردية القمعية. أعظم إنجاز سياسي تنموي، هو أن نظام الإمارات لم يكن منذ نشأته قابلاً ولا حتى بنسبة 1% لأن ينتج سلطة استبدادية. تأمل ما حدث للشعوب العربية في العقود الخمسة الأخيرة.
الفضائل الديمقراطية تعم تلقائياً سائر الميادين من خلال «العدوى» الإيجابية. فهي تفتح الأبواب للأفكار البناءة، ما يؤسس للانفتاح على الداخل والخارج، وفي هذا سر الأمن والاستقرار والانفراج الاجتماعي.
في الإمارات أكثر من مئتي جنسية؛ عالم لأمم متحدة في إمارات عربية متحدة. هذا الجو رافض من جذوره وتكوينه للتسلط الفردي، فما الذي تطلبه التنمية الشاملة فوق هذا، لتتأسس الإدارة الفائقة، وتوجد البيئة السليمة لانطلاق الطاقات المحلية، واحتضان كل إيجابي في العالم؟
لزوم ما يلزم: النتيجة البنيوية: إذا تحققت المناعة ضد الاستبداد، وتوافرت الإدارة الفائقة، فالمستقبل المشرق في الجيب.
abuzzabaed@gmail.com