أغلبية الأمريكيين يعارضون التدخلات العسكرية
جيمس كاردن*
تعارض أغلبية كبيرة من الأمريكيين، سواء بين المؤيدين للحزب الديمقراطي أم الجمهوري، التدخلات العسكرية لبلدهم في الخارج ويريدون سياسة خارجية أمريكية أكثر حكمة وأقل نزوعا للحرب.
في مطلع يناير/كانون الثاني، نشرت منظمة أهلية أمريكية – تضم نشطاء من الحزبين وتدعو لإشراف الكونغرس على التدخلات العسكرية الأمريكية في الخارج – نتائج استقصاء أظهر تأييداً شعبياً عريضاً لفرض قيود دستورية على السياسة الخارجية الأمريكية والحد من التدخلات العسكرية الأمريكية في الخارج.
أجرت الاستقصاء «مؤسسة ج. والين لأبحاث الرأي» لحساب المنظمة الأهلية «اللجنة من أجل سياسة خارجية مسؤولة». وكشف الاستقصاء أن «أغلبية كبيرة من الناخبين الأمريكيين تشكك في جدوى التدخلات العسكرية في الخارج وتعارض تقديم مساعدات عسكرية ضخمة إلى دول أجنبية».
وقال بيل دولبو، الباحث في منظمة «اللجنة من أجل سياسة خارجية مسؤولة»: «قمنا بهذه المبادرة من أجل إسماع صوت الشعب، الذي أظهرت استطلاعات رأي عديدة أنه يريد تقييد التدخلات في الخارج».
ومن بين أبرز نتائج الاستقصاء أن 86،4% من أولئك الذين استطلعت آراؤهم يعتقدون أن الجيش الأمريكي يجب أن يستخدم فقط كملاذ أخير، في حين رأى 57% أن المساعدات العسكرية الأمريكية إلى بلدان أجنبية تأتي بنتائج عكسية.
كما أظهر الاستقصاء أن أغلبية كاسحة من الأمريكيين يؤيدون استعادة الكونغرس سلطة الإشراف على التدخلات العسكرية الأمريكية، حيث قال 70،8% إن الكونجرس يجب أن يسن تشريعاً يحدد ثلاثة شروط لأي عمل عسكري في الخارج:
1 – ضرورة «تحديد أهداف واضحة لأي تصريح بتدخل خارجي» (78،8%)،
2 – ضرورة أن يتولى الكونجرس «كلا الإشراف والمحاسبة في ما يتعلق بأماكن نشر قوات أمريكية» (77%)،
3 – ضرورة أن يكون « تقديم أي تمويلات أو أعتدة عسكرية أمريكية إلى بلد أجنبي مشروطاً بتعهد هذا البلد بالالتزام بأحكام ميثاق جنيف (84،8 %). (ميثاق جنيف المكون من أربع اتفاقات دولية يتعلق بحماية حقوق الإنسان الأساسية في حالة الحرب).
ونتائج استقصاء مؤسسة ج. والين لأبحاث الرأي تتوافق مع نتائج دراسة أجراها العام الماضي العالمان السياسيان فرانسيس شن، بروفيسور القانون في جامعة مينيسوتا، ودوجاس كراينر، بروفيسور العلوم السياسية في جامعة بوسطن، ووجدت أن خسارة هيلاري كلينتون انتخابات الرئاسة في 2016 كانت على الأرجح نتيجة لكونها من صقور السياسة الخارجية الأمريكية.
وهذه الدراسة نشرت تحت عنوان «ضحايا ميادين القتال وهزائم الانتخابات: هل كلفت حروب بوش – أوباما هيلاري كلينتون البيت الأبيض؟، وقد وجدت أن «هناك انقساماً بين شرائح اجتماعية (شعبية) يموت شبانها دفاعا عن الوطن وتلك الشرائح (الثرية) التي لا يموت شبانها دفاعا عن البلد». وخلصت الدراسة إلى أن «هوة الخسائر البشرية» هذه يمكن أن تكون قد ساهمت في الانتصار الانتخابي المفاجئ لدونالد ترامب.
غير أن الاستقصاء الجديد يبين أن الرغبة في اتباع سياسة خارجية أمريكية «عقلانية» إنما تتجاوز القاعدة الانتخابية لترامب، وأن هناك أغلبية كبيرة من ناخبي الحزبين يريدون سياسة خارجية واقعية ومفيدة. وأيد تقييد التدخلات العسكرية في الخارج 78% من الديمقراطيين (الذين شملهم الاستقصاء)، و 64،5% من الجمهوريين، و68،8% من المستقلين.
وتؤكد نتائج هذا الاستقصاء مدى الانفصال بين المؤسسة الحاكمة – بما فيها الطبقة السياسية، ومراكز دراسات وأبحاث، ووسائل الإعلام الرئيسية – والأغلبية الكبيرة من الأمريكيين الذين يريدون سياسة خارجية متزنة وحكيمة.
ومثل هذه السياسة العقلانية والحكيمة كانت غائبة منذ نهاية الحرب الباردة.
*كاتب أمريكي عضو في إدارة المنظمة الأهلية «اللجنة الأمريكية من أجل الوفاق بين الشرق والغرب» – موقع «ذا نيشن»