أنصاف المتميزين
حصة سيف
عدد من الموظفين الذين تميزوا في العمل الحكومي وبانت نتائجهم للعيان جهاراً نهاراً في جميع أعمالهم، نُفاجأ بعدم وجودهم في قائمة المميزين وفائقي التميز، في الجوائز الخاصة بتقييم ومكافأة الأعمال والمشاريع الحكومية والموظفين المتميزين على مستوى معين، وحين تسأل عن السبب يوضح لك بأن التقرير المعدّ لإنجازاتهم ربما لم ينصف أعمالهم، أو لأسباب أخرى تتعلق بإجراءات الموارد البشرية.
لكن المتفق عليه والسائد، أن الجوائز تؤسس لثقافة معينة وترسِّخ قيماً، فإذا لم يفز المتميز في مكانه، ويصعد بدلاً منه مَنْ يمكن أن يطلق عليه «المتملق»، أو الموظف الذي لم يشهد له الكثير بتميزه، وأنصفه تقريره، هذا من شأنه أن يؤثر بشكل عام في سمعة تلك الجوائز، وفي منظومة العمل المتميز التي تقيمها تلك الجائزة، وربما يؤثر في طبيعة نمط العمل الحكومي بشكل عام، فإذا لم يُكافأ المتميز على عمله وتفرده، فكيف تكون ردة فعله؟! هل ستكون همته بالعمل بمقدار إبداعه ذاته الذي تعود عليه، أم سيتأثر عطاؤه ويقل إنتاجه، أو يتساوى مع «العادي» الذي يحصد التميز بأسهل الطرق؟.
لذا نحتاج لتعديل منظومة نتائج التقييم للجوائز، خاصة إذا ارتبطت بهدف معين راقٍ، وهو مكافأة العمل المتميز، ولابد أن يكون لها مخارج، مثلاً إبراز عدة تصنيفات، وإتاحة تصويت للجمهور والمتعاملين مع الجهة، أو ترك مساحة للتظلم أو تقييم الملف من قبل عدة لجان، أو دراسة الأسباب الحقيقية لعدم إبراز «المتميز» من قبل الجهة المسؤولة عن الجائزة، ومحاولة الوصول لحلول جازمة حول الموضوع، إذا كنا فعلًا حريصين على ترسيخ قيم التميز والعطاء في العمل الحكومي، أو ابتكار طرق جديدة للتقديم للجائزة بعيداً عن الطرق التقليدية في التقديم لملفات تزخر بالأدلة التي تحتاج إلى أعمال مضاعفة قد تشغل الموظف عن عمله ومهامه، وبالأخير قد لا يفلح في تقديم «لحنه» ويقدم آخر إنجازاته ويعظمها فتكون لحناً مميزاً على الورق، من دون أن يقابلها تميز باهر على الواقع.
وكلمة إنصاف لأولئك الذين لم يحالفهم الحظ في التميز، استمروا في عملكم، والمجتمع يشهد بإنجازاتكم، وأعمالكم مقدرة من الجميع، وأقل ما يقابلها أن تجد «متعاملاً» يتفاخر بأن يكون لدينا في مجتمعنا «موظف» بتلك الهمة والنشاط والتميز بالأفكار المطبقة على أرض الواقع، فالجوائز قد يدخل فيها الحظ، لكن المؤكد بأن إنجازكم مقدر بأعين المتعاملين معكم دائماً.
hissasaif@gmail.com