أنماط وأشكال الفساد الاقتصادي
عبدالوهاب القحطاني
تتعدد وتتباين أشكال وأنماط الفساد الاقتصادي من مجتمع لآخر، فمنها ما هو محرم شرعاً في الدين مثل الرشوة وتدليس المستندات والاختلاس والتزوير، ومنها ما هو متداول ولا يراه المجتمع والمشرعون في مجتمع ما مثلما تراه بقية مجتمعات الدول الأخرى التي تجرمه مثل الاحتكار وخدمة الذات على حساب المجتمع والوطن، ناهيك عن انعدام المصداقية والشفافية وتضارب المصالح في إدارة مسئول لشئون مؤسستين متضاربتين في الأهداف والمصالح، بحيث يستغل إحداهما أو كلاهما لتحقيق مصالح شخصية على حساب بقية المستفيدين منهما، خاصة إذا كانت إحداهما لخدمة كافة أفراد المجتمع والأخرى تخدم مجموعة من المستثمرين الذين يسعون لتعظيم أرباحهم وفوائدهم على حساب بقية أفراد المجتمع والوطن.للاحتكار الاقتصادي أضرار كثيرة على اقتصاد الوطن والمجتمع، حيث يقلل الخيارات والجودة والإبداع والابتكار ويشوه الهيكل الاقتصادي للدولة. يساهم الاحتكار في ارتفاع تكاليف المعيشة والخدمات بشكل عام، بحيث يصبح تضخم الأسعار هاجس الحكومة والمواطن. أما جودة السلع والخدمات فإنها لا تتطور لأن القوة بيد المؤسسات المحتكرة للسوق الاقتصادية. والنظرية الاقتصادية توضح أنه إذا قل عدد الشركات المقدمة للسلع أو الخدمات في السوق بسبب الاحتكار مع ثبات عدد المستهلكين أو زيادته فإن الأسعار ترتفع وتقل الجودة لأن الخيارات ستكون قليلة أمام المستهلك في السوق الاحتكارية.تعتبر المعلومات المتناقضة والغامضة أو المدلسة نمطا من أنماط الفساد الاقتصادي المعلوماتي ذات المغزى الاقتصادي لأن المحتكر ربما يقصد بها إثارة قلق المستهلك المواطن المحتاج للسلع والخدمات ليستسلم للاحتكار بأسعار عالية.إن ضعف أو عدم شفافية المسئول في الإفصاح عن سياسات المؤسسة أو الشركة يعد أحد أنماط الفساد لأن الوضوح شرعاً وقانونياً وأخلاقياً أساس في التعاملات التجارية، بحيث يشير انتفاؤه إلى خلل مقصود يتنافى مع أخلاقيات العمل التي يقرها الدين والقيم المجتمعية والمعاملة الحسنة.يضعف الاحتكار القوة الشرائية للمواطن ويهدد مدخرات الطبقة المتوسطة العاملة التي تعتبر صمام الأمن والأمان في أي دولة في العالم. وعندما تزيد الأسعار جراء الاحتكار فإن مدخرات المستهلكين تتراجع مما يضعف السيولة النقدية في المؤسسات المالية. وإذا استمر الضعف والتراجع في المدخرات فإن ذلك سيؤدي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي وربما يؤدي إلى الكساد.يواجه العالم مشكلة الفساد الإداري الذي يؤثر في جودة القرارات وفاعليتها في أداء المؤسسات. وليس بالضرورة أن الفساد الإداري يعني هدر المال العام أو مال الشركات المدرجة في سوق المال، بل يعتبر استغلال المنصب لتحقيق مصالح خاصة من أشكال الفساد الذي سبب إفلاس شركات مثل “انرون”.وفي الختام لا بد لنا من فهم أشكال وأنماط الفساد وطرقه لحماية الاقتصاد منه لأن تأثيره وانعكاساته شاملة.
*نقلاً “اليوم“