غير مصنفة

أودينغا ومعضلته الكبرى

فيصل عابدون

يسعى زعيم المعارضة الكيني رايلا أودينغا إلى تسلم السلطة في بلاده عبر صناديق الاقتراع وإزاحة خصومه من زعماء قبيلة كيكويو القوية الذين ظلوا يتناوبون على حكم البلاد منذ استقلالها. لكن خطوته الأخيرة التي تخطت كل القواعد الديمقراطية وحاول فيها تنصيب نفسه رئيساً بديلاً بعد تنصيب الرئيس الفائز في الانتخابات أوهارو كينياتا، تشير إلى نفاد صبر ومفارقة كاملة للعبة انتقال السلطة بالشكل السلمي المعروف وربما نزعة للتطرف والانقلاب على النظام. وقد تراجع أدوينغا عن تلك الخطوة بعد ضغوط دولية وإقليمية بينما هدد مكتب النائب العام بمحاكمته بتهمة الخيانة العظمى في حال المضي قدماً في إجراءات التنصيب.
وربما تكمن معضلة أودينغا ومأزقه الكبير كسياسي يعيش في منطقة تتحكم فيها الولاءات القبلية على الرغم من مظاهر الحداثة، وبينما ينحدر أودينغا من قبيلة هي الثالثة في الترتيب من حيث العدد والأهمية فإن الأمل في فوز مرشحها برئاسة الدولة يبقى حلماً يستحيل تحقيقه، ومرشح القبيلة الكبيرة هو الذي يفوز وهو الذي يحكم وقد كان الأمر كذلك في الماضي وسيستمر في المستقبل.
لكن التسويات التي يتم التوصل اليها بعد إعلان النتائج غالباً ما تدفع بأفراد قبائل أخرى إلى مناصب تنفيذية رفيعة. وهي إجراءات يتم الاتفاق عليها لخفض التوتر السياسي وتحقيق نوع من الانسجام وتقليل التذمر ونوازع التمرد لدى قادة القبائل الصغيرة. فالديمقراطية في دول الولاء القبلي هي وسيلة لإضفاء الشرعية على حكم القبيلة الكبيرة.
وأودينغا يدرك ذلك بشكل جيد، فقد تسلم مناصب وزارية في عهد الرئيس الأسبق دانيال أراب موي ثم تسلم منصب رئيس الوزراء رغم خسارته الانتخابات أمام الرئيس السابق مواي كيباكي. كما أن والده كان أول نائب للرئيس جومو كينياتا في أول حكومة كينية بعد الاستقلال بموجب اتفاق التسوية نفسه الهادف لإرضاء قبائل الأقليات.
ولكنه ومع إدراكه العميق لهذه الحقيقة البسيطة فإنه لا يستطيع التعايش معها بسهولة كما أنه لا يجد طريقاً لتغييرها أو الالتفاف عليها. وقد جرب من قبل أن يكون قائداً للتيار الاشتراكي بأمل أن تذوب الولاءات العرقية في بحر الفلسفة العقائدية ويتمكن من حشد الأنصار من مختلف القبائل كي يفوز بالانتخابات ويكسر معادلة القبيلة الكبيرة لكن ذلك لم ينجح. جرب طريق الانقلاب العسكري لكنه فشل وكانت النتيجة سنوات من السجن والمنفى.
وفي السنوات الأخيرة طرح أودينغا نفسه زعيماً لحركة الهامش الكيني ومطالبهم السياسية ومظلومياتهم في التنمية والتطور. وعلى الرغم من أنه اقترب بهذه الوصفة الجديدة من التحول إلى زعيم قومي، وساندت المحكمة العليا مطالبه بإلغاء فوز منافسه اوهورو كينياتا وقررت إعادة الانتخابات، إلا أنه وجد الفرصة السانحة عندما رفض خوض جولة الإعادة.

Shiraz982003@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى