أين الحقيقة؟
أسامة غريب
يكاد لا يمر أسبوع دون أن تعلن إيران عن إنجازات عسكرية تشمل شتى أنواع الأسلحة، فمنذ أيام مثلًا أعلنت عن تصنيع أول صاروخ فرط صوتى تصل سرعته إلى 12 مرة سرعة الصوت، وصرح مسؤولوها العسكريون أن بإمكان صاروخهم هذا استهداف السفن الأمريكية من مسافة 2000 كيلو متر. كما تم الكشف أيضاً عن صاروخ كروز يطير قريباً من الأرض ويبلغ مداه 1650 كيلومترا، وفى نفس الخبر ورد ذكر الطائرة المسيرة العملاقة شاهد 149 القادرة على حمل 9 قنابل في آن واحد.
هذه هي حصيلة أخبار هذا الأسبوع، أما الأسبوع الذي سبقه فقد نشر الإيرانيون صوراً لقاعدة جوية قالوا إنها محفورة على عمق سحيق أسفل الجبال في شرق البلاد ونوّهوا بأن هذه القاعدة تستعد لاستقبال طائرات سو 35 الواردة من موسكو. والشهر الماضى كشفوا عن طائرات مسيرة جديدة، والشهر الذي سبقه أعلنوا عن صواريخ وفرقاطات ومدمرات وغواصات وأقمار صناعية وطائرات هليكوبتر. أخبار الاختراعات العسكرية الجديدة تغرق وكالات الأنباء وتفيض على مواقع الأنباء وتشكل ركناً دائماً في الصحافة الإيرانية، ومنها تنتقل لصحف العالم ومواقعه الإخبارية. وبينما يطالع القارئ هذه الفتوحات غير المسبوقة تفاجئه أخبار قصف الطائرات المسيرة لمصنع حربى في أصفهان الشهر الماضى ودخول الطائرات المعادية إلى داخل المصنع وتجولها في أرجائه قبل أن تختار هدفها وتنفجر فيه محدثة دماراً هائلاً في قدرات المصنع العسكرى!.
ومنذ عدة شهور جاءت الأنباء الغربية، وفيها أن طائرات مجهولة قصفت مصنعاً للطائرات المسيرة في بارتشين ودمرت عدداً كبيراً من الطائرات داخله. وقبل هذا قام أعداء إيران باغتيال العالم فخرى زادة المسؤول عن البرنامج النووى الإيرانى.. وفى السابق أيضاً تم تدمير وحدات الطرد المركزى في منشأة نطنز المحصنة مع تخريب وتعطيل قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم. وليس بعيداً أيضاً سرقة الأرشيف النووى الإيرانى بواسطة الموساد الإسرائيلى ونقل صفحاته إلى الميديا العالمية.
بناء على كل ما سبق يحتار المتابع للشأن الإيرانى هل إيران دولة قوية متقدمة لديها إنجازات علمية معتبرة في المجال العسكرى، أم أنها دولة هشة تعجز عن إخفاء وثائق برنامجها النووى كما تفشل في حماية علمائها وتخفق في تحصين مصانعها ومنشآتها العسكرية؟ في تصورى أن الرأيين على صواب، فالعلماء الإيرانيون يواصلون الليل بالنهار لسد الثغرات مع أعدائهم، وهم يعلمون أن موازين القوى إذا اختلت بوضوح فإن تدمير بلادهم وتعرضها للغزو لن يتأخر كثيراً، في الوقت نفسه فإن الفشل المعلوماتى والاستخباراتى يقوض جهود العلماء والمهندسين الإيرانيين، وبينما تملك إيران بصواريخها أن تُحدث بإسرائيل دماراً كبيراً يكون ثمنه بالتأكيد تدمير إيران، فإن طهران تعجز عن رد الهجمات التكتيكية بهجمات مماثلة، فلا تملك مثلاً تخريب مصانع المسيرات في إسرائيل كما تفعل تل أبيب معهم.. وفى ظنى أن الإعلان المتواصل عن الأسلحة الجديدة هدفه شد أزر الداخل وطمأنة الحلفاء، في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل العبث بالأمن الإيرانى بهدوء وعلى مهل دون التورط فيما يدفع للتدمير المتبادل.
نقلاً عن المصري اليوم