غير مصنفة

«إسرائيل» وأمريكا شريكتان في ممارسة القمع

ظريفة بارود*

هناك قاسم مشترك يجمع الولايات المتحدة و«إسرائيل»: استخدام أساليب قمع قاسية، بل وحشية، ضد السكان الأصليين ومن أصول أجنبية.
في 2014، تعرض مايكل براون، الشاب الأمريكي الأسود ذو الـ 18 سنة الذي لم يكن مسلحاً، لست رصاصات في رأسه وظهره أطلقها الشرطي دارن ويلسون بينما كان مايكل يهرب من مواجهة الشرطي. وسقط مايكل على الأرض وترك وهو ينزف حتى الموت في الشارع. وادعى الشرطي أنه أطلق النار لأنه خشي على حياته. وتمت تبرئة الشرطي.
وفي 2015، تعرض محمد الكسبة، وكان فتى في السابعة عشرة من العمر، لعدة طلقات رصاص في ظهره ورأسه أطلقها عليه العقيد «الإسرائيلي» يسرائيل شومر بينما كان يهرب مبتعداً عن حاجز تفتيش في رام الله. وكان الكسبة مع مجموعة فتيان آخرين قالت سلطات الاحتلال إنهم ألقوا حجارة على عربة عسكرية «إسرائيلية». وعندما حطم حجر الزجاج الأمامي لعربة عسكرية، ترجل الجنود بكامل أعتدتهم وأطلقوا الرصاص على الكسبة، ثم مروا بجانبه بينما كان لا يزال ممدداً على الأرض وهو ينزف، وأخذوا يركلون جسم الفتى المحتضر. وادعى الجندي مطلق النار أنه خشي على حياته، فتمت تبرئته.
واليوم، ينظر العالم إلى الولايات المتحدة و«إسرائيل» باعتبارهما شريكتين وثيقتين انعكس التزامهما تجاه بعضهما في القرار الأخير الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعترافه بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل» وإصداره أمراً بنقل السفارة الأمريكية إلى المدينة.
ويجمع الولايات المتحدة و«إسرائيل» ارتباط استفزازي، وهما متحالفتان معاً، وتمارسان العنصرية، والطبقية، والاستعمار بشكليه القديم والجديد. وقد أصبحت العقيدة الأمريكية المسماة «القدر المتجلي» (القائلة بأن الولايات المتحدة ومستوطنيها مقدر لهم أن يتوسعوا عبر شمال القارة الأمريكية) واليهودية وجهين لعملة واحدة.
وأبرز تجلٍّ لهذه العقيدة هو أن الدولتين تتشاركان ممارسات واحدة في ما يتعلق بعسكرة وتأمين الحدود، ومواقفهما المشتركة تجاه الهجرة، وتكثيف ممارستهما لسجن السكان الأصليين. وفي 2013، قال نائب وزير الحرب «الإسرائيلي» إيلي بن دهان عن الفلسطينيين: «بالنسبة لي، إنهم حيوانات وليسوا بشراً». والإيديولوجية العنصرية ملازمة للنظام الجنائي «الإسرائيلي» مثلما هي الحال في كثير من مناطق الولايات المتحدة.
ولنلاحظ أن عناصر وحدات عسكرية وأجهزة أمنية «إسرائيلية» يتلقون تدريبات في الولايات المتحدة. وفي الوقت ذاته، يذهب عناصر في الشرطة الأمريكية، وحرس الحدود، وجنود إلى «إسرائيل» للمشاركة في دورات تدريبية. وهذه العناصر الأمنية في الدولتين تتشارك إيديولوجيا النزعة العسكرية، وممارسة العنصرية والوحشية. وخلال وجود العناصر الأمنية الأمريكيين في «إسرائيل»، يزورون الحواجز الأمنية، والسجون في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذه الأماكن تجمعها قواسم مشتركة، هي انتهاكات حقوق الإنسان، وممارسة التعذيب والإعدامات بلا محاكمة، وأشكال أخرى من وحشية ذميمة.
وهذه المبادلات بين الولايات المتحدة و«إسرائيل» لا تشمل تدريبات فحسب، بل أيضا استخدام الأسلحة ذاتها. وتقدم الولايات المتحدة إلى «إسرائيل» 3،8 مليار دولار سنويا، ومعظم هذه الأموال يخصص لإنفاق الجيش «الإسرائيلي» من أجل شراء أسلحة أمريكية. وأجهزة الأمن في الدولتين تتشارك أيضاً في استخدام الأعتدة ذاتها ضد المتظاهرين المدنيين.
وعناصر الأمن الأمريكيون الذين يتلقون تدريبات في «إسرائيل» يزورون أيضا جدار الفصل العنصري الذي بنته «إسرائيل» لعزل أراضٍ فلسطينية وضم أراضٍ أخرى. ولم يكن مستغرباً أن يكون رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو قد أيد بحماس مشروع الإدارة الأمريكية لبناء جدار على طول الحدود الأمريكية – المكسيكية، واعتبره «فكرة عظيمة».
وأمام هذا الوضع، انتشرت حملات التضامن مع الشعب الفلسطيني عبر العالم كله. ولم يكن مما يدعو للاستغراب أن الأمريكيين السود واللاتينيين رفعوا أصواتهم من أجل المطالبة بالحرية والعدالة للفلسطينيين. وقد وصفت حركة «حياة السود تهم» في الولايات المتحدة «إسرائيل» بأنها «دولة فصل عنصري».
وفي الولايات المتحدة، تنشط اليوم منظمات وحركات مجتمع مدني من أجل قطع هذه العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة و«إسرائيل»، ودفع الحكومة الأمريكية لإعادة النظر في تحالفها مع دولة الفصل العنصري «إسرائيل»، ليس فقط من أجل مصلحة الفلسطينيين المضطهدين، وإنما أيضاً من أجل الأمريكيين المضطهدين.

*طالبة في كلية الإعلام والاتصالات بجامعة (ولاية) واشنطن – موقع «كاونتر بانش»


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى