غير مصنفة

ابتزاز أمريكي للسلطة

علي قباجه

بدأت الولايات المتحدة الاستجابة إلى الأذرع «الاسرائيلية» الممتدة والنافذة في السياسة الأمريكية، عبر الرضوخ لها للضغط على الفلسطينيين، وآخرها عدم التمديد لممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ما يجعل أمريكا منحازة بالكامل إلى «إسرائيل»، ولا تصلح لأن تكون وسيطاً في النزاع في الأراضي المحتلة، وسيكون التعويل عليها في صفقات تجلب السلام والتسوية ضرباً من العبث.
إدارة ترامب رهنت التمديد للبعثة بتحقيق تقدم في الصراع الفلسطيني- «الإسرائيلي»، غير أن التقدم الذي تنشده واشنطن معروف مساره، فهو يصب في مصلحة منح «إسرائيل» ما تريده، من اعتراف بيهوديتها، والطلب من الفلسطينيين غضّ الطرف عن الأراضي المسروقة في الضفة، وغزة، إضافة إلى منحها القدس على طبق من ذهب، والقبول بدولة منقوصة السيادة منزوعة السلاح، وتفتقد المبادرات الاقتصادية. ابتزاز أمريكي يوضح ماهية صفقة القرن التي طالما نادت بها إدارة ترامب، وبالطبع يمكن تسميتها بصفقة التصفية التي تطمح إلى إنهاء القضية واغتيالها، وتحقيق الأحلام «الإسرائيلية».
السلطة واجهت هذا القرار بوقف كل الاتصالات مع الولايات المتحدة، وهذا موقف يحسب لها، ومطلوب في هذه المرحلة الحساسة، وردّ طبيعي اتخذته. أما خطط السلطة فلا بد أن تسير الآن وفق منطق سحب البساط من تحت الإدارة الأمريكية، وعدم السماح لها بتمرير الرؤى الصهيونية، أو التحكم في مفاصل القضية. فالفلسطينيون لم يجنوا منها سوى الانحياز، والدعم اللامحدود للاحتلال.
ربما تكون هذه الفرصة المواتية للانفكاك من السطوة الأمريكية، واتخاذ موقف أكثر صلابة تجاهها، والبحث عن وجهات أخرى تعمل بشكل حقيقي على دعم الحق الفلسطيني، بالتزامن مع الإصرار على التوجه إلى المحكمة الجنائية لمحاسبة الاحتلال على أفعاله السوداء. واشنطن ابتزت السلطة بممثليتها، كي تتراجع عن هذا التوجه، ولكن العودة تعني قبول الإملاءات الأمريكية و«الإسرائيلية»، وتضييعاً للحقوق الفلسطينية، وبخسها، وهو أيضاً رفضته السلطة، ولكنها إلى الآن لم تتخذ خطوات عملية في هذا الاتجاه.
الضغوط ستكون كبيرة، ولن تتوقف إطلاقاً، وثبات الفلسطينيين على مبادئهم وحقوقهم هو المنقذ الحقيقي لأي مؤامرة قد تحاك ضدهم. فعلى صمودهم ستتحطم صخرة التعنت الأمريكي والصهيوني. والشاهد أن التهديدات الأمريكية ترافقت مع المصالحة التي تصاغ فصولها في القاهرة، وهي بذلك تريد توجيه طعنة لها، وإفشالها، وإعادة الأمور إلى المربع الأول. إخوة متقاتلون لمصلحة تدعيم الكيان في حربه.
الفلسطينيون مطالبون بشد العضد، وتدعيم صفوفهم، ورفض أي ابتزازات عليهم، فهم أصحاب حق، ولا تستطيع قوة في الأرض فرض حلول مجتزأة عليهم، تضر قضيتهم.

aliqabajah@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى