قضايا ودراسات

استقرار أم استنقاع؟

خيري منصور

ما بدأ في بعض العواصم العربية استثنائيًا قبل سنوات تحول بالتدريج إلى عرف جديد، كأن تعيش دولة بلا رأس لعامين وبلا كتفين شهورا، ويبدو أن مصطلح السرعة الذي يستخدم بعد الانتخابات الرئاسية أصبح له مفهوم آخر وإيقاع غير مسبوق، وبالتأكيد أول ما يستدعي الذاكرة السياسية في هذا المجال لبنان الذي كان من أوائل التصريحات التي صدرت فيه الحاجة إلى السرعة في تشكيل الحكومة لأن هناك أشياء عاجلة تحتاج إلى السرعة لملء الفراغ، غير تشكيل الحكومة واستكمال نصابها في مختلف مجالاتها، وهناك عدة قراءات إقليمية ودولية لما عاشه لبنان من فراغ منها، أن نظامه استقر حتى لو كان من خلال المحاصصة الطائفية، وأصبح كل طرف يعرف موقعه على تضاريس الخريطة وخطوط طولها وعرضها.
لكن ما يفهم على أنه استقرار سياسي قد يكون أقرب إلى الاستنقاع والشكوى المتكررة من البطالة السياسية التي شملت كل جوانب المجتمع، ينتظرها الناس بعد أن تراكمت عليه في مختلف المجالات مديونيات تنموية منها ما هو بيئي كارثي، ومنها ما هو وثيق الصلة بحركة الناس وتأمين حاجاتهم الاجتماعية والخدمية، ما دفع نائبًا لبنانيًا إلى التساؤل بأعلى صوت كيف يقبل شعب في العالم أن يعيد انتخاب طبقة سياسية لم تحقق له الحد الأدنى من الأهداف، وكيف انقلبت المعادلة في عالمنا العربي، بحيث أصبحت العربات تجر الخيول والسرعة التي يتحول بها موقف سياسي إلى عرف بدلاً من التصحيح استثنائية، لأن هناك من هم ملكيون أكثر من الملك وكاثوليكيون أكثر من البابا.
لبنان الذي استحق الحياة استحق أيضا من صفق له من قادته التقليديين وغير التقليديين، والفترة الحرجة التي اجتازها تطرح سؤالاً إشكاليا على الطبقة السياسية التي تعيش ليلها الخاص، رغم الادعاء بالاندماج في نهار الآخرين وتجتازه وكل ما تفرزه من إحباطات، فاللبناني باختصار مدين لما لديه من فائض الإرادة وقوة الحياة والاستحقاق .

khairi_mansour@yahoo.com

زر الذهاب إلى الأعلى