الأثرياء الجدد وأبناؤهم
أحمد عبدالتواب
كثرت المخالفات والجرائم التى يقترفها بعض الأثرياء الجدد وأبنائهم، وغالباً ما يكون ضحاياها من أضعف فئات المجتمع، وقد تكون الانتهاكات نتيجة حوادث، فيها رعونة واستهتار، أو بعدوان عمدى، وقد يسقط فيها قتلى! ثم، وبعد أن تستفز الجريمة الرأى العام، وبعد أن تثبت التهمة، إذا بتحول مُحبِط يُوقِف معاقبة الجانى، ويُسوِّى النزاع، فى مصالحات يتنازل فيها الضحايا أو ذووهم عن حقوقهم، بعد أن يحصلوا على تعويضات مالية مغرية، قد تصل إلى ملايين الجنيهات!
فى واقعة الكومباوند بالمعادى، انهال أحد السكان على فرد أمن بعشرات الصفعات، واستسلم الضحية تماماً للمهانة خشية أن يفقد وظيفته! وبرغم القرار القوى من النيابة العامة بإحالة المتهم محبوساً إلى القضاء، فقد تنازل الضحية عن شكواه! ولم يُعلَن ثمن التنازل! وفى واقعة إمبابة، اعتدى طفل عمره 14 عاماً، نجل نائب سابق بالبرلمان، مع شخصين آخرين، على عامل نظافة، بالضرب المبرح، أدى إلى وفاته بعد 3 أيام. وانتشرت السخرية على السوشيال ميديا تتوقع مصالحة مع أهل الضحية!
من المعلومات المهمة، فى المتابعات الإخبارية لهذه الجرائم، أن تعديلاً قانونيا صدر فى عهد مبارك عام 2006، توسَّع به نطاق التصالح، بإباحته فى قضايا القتل الخطأ، بما يترتب عليه انقضاء الدعوى تجاه المتهم! فمثلاً، وفى حالة جريمة الشيخ زايد، التى راح فيها 4 قتلى منهم 3 أطفال بعد أن ارتطم بسيارتهم نجل أحد الأثرياء، وثبت أنه كان يقود سيارته بسرعة جنونية وهو تحت تأثير المخدرات والكحول، وبرغم أن أسر الضحايا ليسوا من فئة الفقراء، إلا أنه صعب عليهم الصمود أمام إغراء التعويض، قيل إنه 4 ملايين جنيه لكل أسرة، فقبلوا التصالح، فأفلت المتهم من عقوبة بالحبس، تتراوح ما بين سنة و7 سنوات مع غرامة مالية، إلى انقضاء الدعوى الجنائية. وبرغم الظروف المشددة فى هذه الحالة ضد المتهم، فإن التصالح وفر له عقوبة مُخَفَّفة أو عقوبة مع إيقاف التنفيذ!
أليس من الأفضل إجراء تعديلات تشريعية عاجلة تعالِج الثغرات المصطنعة، لتأكيد الحق العام، ولتحقيق الردع، ولتأصيل المساواة؟
* نقلا عن “الأهرام“