الأسرة في صلب الاهتمام
ابن الديرة
تهتم المجتمعات البشرية المتقدمة والتي نجحت في تحديد أهدافها ووسائل تحقيقها بعناية، ببناء وتكوين أسر قادرة على تحمل أعباء الحياة الاجتماعية بمتطلباتها المتنوعة، ومواجهة ضغوط متنوعة تتعرض لها وفي المقدمة منها حسن تربية الأبناء بما يجعلهم رصيداً إضافياً للوطن وليسوا عالة عليه.
على هذه القاعدة، جاء اعتماد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، السياسة الوطنية للأسرة القائمة على مرتكزات رئيسية تتناول الزواج ورعاية الأطفال وحماية الأسرة، خلال اجتماع مجلس الوزراء، أمس، باعتبارها نواة المجتمع ومكونه الرئيسي، ومدى تأثيرها الفاعل في مجمل مسيرته التنموية سلباً وإيجاباً.
ولتحقيق هذه السياسة الاستراتيجية التي تأخذ صفة الديمومة، يجب أن يتم تنسيق كل الجهود الرسمية والأهلية التي تصب في هذا الاتجاه، لأنه ببساطة مهما كانت هذه الجهود بسيطة ومتواضعة، فإنها إن تدفقت معا في اتجاه معين، فإنها تشكل قوة عاتية ومدداً غير منظور يدعم مسيرة البناء الحضاري والاقتصادي، وهو ما يفسر توجيهات سموه لوزارة تنمية المجتمع – الجهة المسؤولة عن السياسة ومبادراتها – للتنسيق مع الجهات المحلية والاتحادية ذات العلاقة لتنفيذها في المرحلة المقبلة.
والسياسة الوطنية للأسرة إذا ما تمت ترجمتها في الميدان بحرفية وقدرة على التجديد والإبداع، فإن نتائجها ستكون عظيمة وملموسة لاحقا، في انخفاض مستويات الأمراض الاجتماعية التي تقلص من دور الأسرة الإيجابي، وتحد من تحول مخرجات سياساتها إلى معيقات وكوابح تعيق دوران عجلات قطار التنمية المنطلق إلى رحاب سماء العصر بعنفوان المجتمع الذي حقق المعجزات في مسيرته المباركة.
وكلما ارتقت الأسرة الإماراتية زادت بشرى أن تؤتي ثماراً طيبة عبر خلق علاقات أسرية قوية، وتربية أفرادها على القيم الوطنية والأخلاق الإنسانية، فتكون بذلك أكثر قدرة على المساهمة بفاعلية في البناء والتطوير، بعد أن أحسنت صناعة كادرها البشري.
وتقوم السياسة الوطنية للأسرة على عدة محاور ومرتكزات إذا ما أحسنا التعامل معها بوعي وتنظيم مجتمعيين، فسنصل بإذن الله إلى المراكز الأولى العالمية رغم أننا شعب بسيط لكننا محيطات طموح وعمل وعزيمة وقدرة على الخلق والتغيير، وفي المقدمة منها تيسير السبل أمام الشباب لتكوين أسر عصرية وتهيئة ظروف الزواج أمامه، والعمل على تخفيف أعباء كل المقبلين على الزواج منهم.
وتعتبر العلاقات الأسرية المتماسكة والقائمة على أسس علمية سليمة، أحد ثوابت السياسة الوطنية للأسرة، لحمايتها من التفكك الذي يهيئ كل عوامل الانحراف أمام أفرادها، ورعاية الأطفال وحمايتهم وتوفير مناخ صحي لتنشئتهم في البيت والمدرسة والشارع والمؤسسات الاجتماعية، وكلما تحققت نجاحات في هذا المقام زادت فرص المجتمع من الاقتراب للعصر وروحه.
ولعل أبرز المرتكزات الأخرى ما يتعلق منها بإعداد مؤسسات المجتمع لتسهم جميعها في بناء أسر إماراتية قوية ومتماسكة تؤدي دورها الوطني بتصميم على جعل الغد القادم أحلى وأكثر دفئاً وأماناً واستقراراً.
ebnaldeera@gmail.com