قضايا ودراسات

الإمارات ترسّخ ثقافة التسامح

محمد خليفة

تنفرد دولة الإمارات العربية المتحدة عن غيرها من دول المنطقة بقيم التسامح والعدل، التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من تاريخ شعبها، وتتجلى تلك القيم بوضوح في مجتمعها المتعدد الثقافات والأديان، والذي يمثل نموذجاً يحتذى به في التواصل والتعايش وفق أطر قانونية واقتصادية مدروسة بعناية.
وتعتبر الإمارات شريكاً أساسياً في اتفاقيات ومعاهدات دولية عدة ترتبط بنبذ العنف والتطرف والتمييز. وتتويجاً لهذا التوجه نحو القيم الإنسانية، وترسيخاً لتلك القيم الإماراتية الأصيلة، تم استحداث منصب وزير دولة للتسامح لأول مرة في دولة الإمارات.
هذه الوزارة الجديدة تدعم موقف الدولة نحو ترسيخ قيم التسامح، والتعددية، والقبول بالآخر، فكرياً وثقافياً وطائفياً ودينياً، وتحتضن الإمارات كنائس ومعابد عدة، ومن مختلف الديانات كالهندوسية والبوذية، تتيح للناس ممارسة شعائرهم الدينية، ولدى الدولة مبادرات دولية عدة ترسخ الأمن والسلم العالميين، وتحقق الرخاء والرفاهية والعيش الكريم للجميع، وقد أثبتت الإمارات فعلاً أنها دولة التسامح وحرية الأديان، وأنه لا فرق بين الأديان والمذاهب، الشرقية والغربية، في الحقوق والواجبات، وحسن المعاملة، وحرية ممارسة الشعائر والطقوس، وكل ما يتصل بحرية المعتقد.
وكانت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى الفاتيكان في 15 سبتمبر/أيلول 2016، دليلاً على تلك التوجهات التي تهدف إلى تعزيز قيم التسامح والتعايش والسلام في المنطقة والعالم، ونبذ العنف والتطرف والكراهية. فقد دعا سموه، إثر لقائه البابا فرنسيس في الفاتيكان، إلى دعم وتعزيز التعاون بين كافة الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، بهدف النظر وصياغة استراتيجيات تعزز من قيم الحوار، وتُسهم في تأسيس مشتركات بين الثقافات، وتدعم احترام المعتقدات والأديان وتنشر التوعية وثقافة السلام.
وقد أوضح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن: «الإمارات العربية المتحدة نجحت في أن تضرب نموذجاً يجسد قيم التعايش بين أكثر من 200 جنسية متواجدين بالفعل على أرضها، بزرع روح التفاهم والوئام والمحبة، رغم كل الاختلافات في العرق والثقافة والدين».
وكانت الحكومة الرشيدة قد يسّرت لأتباع الديانات الأخرى الذين يعيشون على أرض الإمارات، إقامة دور العبادة الخاصة بهم، ليشعروا وكأنهم في بلدانهم الأصلية، وتم إطلاق القمة العالمية للتسامح لتتزامن مع اليوم العالمي للتسامح، وبتوجيه من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تم، في 14 يونيو/حزيران 2017، إطلاق اسم مريم أم عيسى «عليهما السلام» على مسجد الشيخ محمد بن زايد في منطقة المشرف، وذلك ترسيخاً للصلات الإنسانية بين أتباع الديانات، والتي حث عليها إسلامنا الحنيف كقواسم مشتركة بين الأديان السماوية.
وقد أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، القانون رقم 9 لسنة 2017 بإنشاء المعهد الدولي للتسامح. وفي إطار المبادرات الفردية الإماراتية، فقد أقيم المجلس العالمي للتسامح والسلام، في مالطا، بمبادرة من الدكتور أحمد بن محمد الجروان رئيس البرلمان العربي السابق، وذلك في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، كمنظمة دولية تعتمد على مبادئ ديمقراطية، وتستمد من القانون الدولي والاتفاقات نظام عملها الخاص، ووقع المجلس مذكرة تفاهم مع صندوق الأمم المتحدة للسكان لأغراض التعاون وبناء شراكات دولية.
ويتألف هذا المجلس من شخصيات عالمية بارزة ذات سمعة وخبرة في مجالات تتصل بالسلام والتسامح. وقد أطلق المجلس العالمي للتسامح والسلام، في تظاهرة عالمية ووسط حضور دولي كبير الجلسة التأسيسية للبرلمان الدولي للتسامح والسلام وذلك بالقاعة الرئيسية للبرلمان المالطي في العاصمة فاليتا في 6 يوليو/تموز. وذلك بمشاركة 54 من رؤساء وممثلي البرلمانات الإقليمية والوطنية من مختلف دول العالم.
وقد تسلمت ألبانيا رئاسة البرلمان وفق التسلسل الأبجدي لأسماء الدول الأعضاء وتم تسمية تولانت بالا رئيساً للبرلمان لمدة سنة، فيما شُكّلت خمس لجان تنفيذية للشؤون القانونية والتشريعية والعلاقات الدولية والشباب والمرأة وغرس السلام والتنمية المستدامة.
ولا شك أن هذه الجهود التي بذلها الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، ورسّخها خَلَفُهُ صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ودعمها محلياً وعالمياً، سوف تُسهم في دعم المبادرات الحكومية السباقة لدولة الإمارات، بقيادة وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في هذا المجال الحيوي، الذي جعل قيم التعايش والتسامح ثقافة رائجة في مجتمع يجسد النموذج الأمثل لجعل ثقافة التسامح هي الثقافة السائدة على نطاق واسع في العالم.

med_khalifaa@hotmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى