الإمارات والعمل في المستقبل
شيماء المرزوقي
من الطبيعي أننا في الحاضر نعمل وننتج. ومن الطبيعي أن نتذكر منجزاتنا التي تمت في أوقات ماضية، لكنك عندما تقول لأحدهم: اعمل في المستقبل فإنه من البديهي أن يسأل: كيف؟ والسبب في مثل هذا السؤال، هو أن العمل في المستقبل لا يشبه لا من قريب ولا من بعيد العمل والاستعداد للمستقبل، فعندما تعمل وعينك ورغبتك على المستقبل فإن هذا يعني الاستعداد له، أما أن تعمل في المستقبل فهذا يعني أن تقوم بمهام وأعمال تتجاوز الحاضر وتسبقه، ويفترض أن تتم خلال السنوات القادمة ولكنك تنفذها الآن وتقوم بممارستها الآن، هذا هو العمل في المستقبل.
أن تخطط للمستقبل وتستهدفه أمر إيجابي، لكن الأعظم من هذا أن تكون قد نجحت وتجاوزت التخطيط والحاضر والوقت الحالي لتقدم خدمات ومهام وأعمالاً يفترض أن تتم بعد بضع سنوات. البعض من العلماء يعتبرون أول خطوة تستهدف العمل في المستقبل هي تغيير نمط تفكيرنا، لأن تفكيرنا، خاصة على المستوى الجماعي، هو تفكير ضد المستقبل ولا يؤمن إلا بالحاضر. وهذا النوع من التفكير، رغم أثره المأساوي، متوافر في كثير من المجتمعات لذا ترى التراجع والتأخر رغم الإمكانيات، لكن عندما يتم التحرر والتخلص من هذا النوع من التفكير فإننا نستطيع ليس النظر نحو الأمام وحسب بل الإنتاج والابتكار بما يسبق الوقت والحاضر الذي نعيشه.
لدينا في بلادنا الإمارات تجربة ثرية وسابقة ومفيدة وناجحة استهدفت هذا المحور، فنحن، ولله الحمد، من المجتمعات القليلة التي نجحت وتمكنت من التخلص من هذا النمط التقليدي، ففي عام 2016 وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، جميع الجهات الحكومية في دبي أن تطبق ما ستطبقه مدن العالم الأخرى بعد عشر سنوات، وأطلق سموه على ذلك مبادرة «دبيx10» حيث تسعى للتعاون مع الجهات المعنية في حكومة دبي لتبني نماذج جديدة لحكومات المستقبل بإحداث تغيير شامل في منظومة العمل الحكومي، ووضع خطط مستقبلية تعيد دور الحكومة في خدمة المجتمعات وصناعة المستقبل. ورغم أن العمل وفق هذه الرؤية يخطو نحو الأمام وعمرها الزمني ليس بالكثير إلا أننا نلمس ونعيش كل هذه التسهيلات والتطورات الكبيرة في منظومة العمل الرسمي وكل يوم نشاهد تطوراً وتقدماً. وستستمر عملية التطور دون توقف لأن الهدف هو المستقبل.
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com