قضايا ودراسات

الإمارات وفرنسا مستقبل واعد

ابن الديرة

العلاقات بين دولة الإمارات وفرنسا، ضاربة الجذور، تعود إلى عهد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان، طيّب الله ثراه، عندما حفّز على حيازة منظومة دفاعية رادعة، واختيار فرنسا لهذا الغرض. ثم تطوّرت العلاقات التي كانت تقتصر على استيراد المحروقات والتعاون الأمني، فأضحت تغطي جملة واسعة من القطاعات، كالتعاون الثقافي والجامعي، حيث دشّن متحف «لوفر أبوظبي» في 8 نوفمبر 2017، وكان أوّل متحف عالمي في العالم العربي، وأكبر مشروع ثقافي تقيمه فرنسا في الخارج. وهو رمز للتسامح والانفتاح على العالم، ولا أفضل من الإمارات، وعاصمتها الغرّاء، من أن تكون حاضنة لهذه القيمة الإنسانية العظيمة. ويتضمن مجموعة من التحف تمثّل جميع الحضارات والحقب، انطلاقاً من العصر الحجري الحديث وحتى يومنا هذا.
ثم تأتي جامعة السوربون أبوظبي، التي أسست عام 2006، وتوفر لطلابها اختصاصات متنوعة في العلوم الإنسانية والاجتماعية والقانون والاقتصاد. ويتأكد ذلك من العلاقات الاقتصادية المتميّزة، حيث بلغ حجم المبادلات التجارية الثنائية 4.66 مليار يورو عام 2016، فضلاً عن احتضان الإمارات لأكثر من ستمئة فرع للشركات الفرنسية.
وتأتي زيارة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تتويجاً لهذا المسار التصاعدي المتنامي لهذه العلاقات على جميع الصعد، وهي الثانية لسموّه، خلا عام ونيّف.
ولولا الدور المؤثر والفاعل لدولة الإمارات، إقليمياً ودولياً، لما كانت رغبة فرنسا كبيرة، في توثيق عرى هذا التعاون، وتسيع آفاقه، ومساراته. وتؤكد هذه الزيارة، صحة هذا المسار، وصوابية هذه الرؤية، فقد أكد صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، أن دولة الإمارات، والجمهورية الفرنسية شريكتان في الحرب على التطرف والإرهاب، ودعم قيم التسامح، وتعزيز الحوار، والتفاعل والتعايش بين الشعوب والحضارات والثقافات ونبذ التعصب والكراهية، والعمل من أجل السلام والاستقرار والتنمية في منطقة الشرق الأوسط والعالم. وقد رسّخ مؤتمر قادة الأديان الذي احتضنته أبوظبي، هذا القول، وعزّز هذا التوجّه.
وتؤكد الزيارة كذلك، أن دولة الإمارات، تعطي العلاقات مع الجمهورية الفرنسية أهمية كبيرة، وتسعى إلى تطويرها وترقيتها في كل المجالات.
والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، شدّد على أهمية زيارة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، وأكد ثقته بأنها ستسهم في توثيق التعاون البنّاء بين البلدين الصديقين. الإمارات تؤكد مرة بعد مرة، أنها تمدّ يد الخير والمحبة والإخاء، إلى جميع شعوب الأرض، وأن هدفها الأسمى هو نشر العدل والتسامح والتعاون المبني على القيم النبيلة، مع الإصرار على نبذ التطرّف والكراهية وكل أشكال التباعد، ومحاربة الإرهاب في أي زمان ومكان، ولو بلغت في ذلك كل أصقاع الدنيا.

ebnaldeera@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى