غير مصنفة

الإنسان ثروتنا الحقيقية

ابن الديرة

التجارب التنموية على مستوى العالم تثبت باليقين، أن الدول التي نجحت في مسيرتها التنموية، استثمرت في الإنسان قبل ماعداه، لأنها آمنت أن الذي يعمل ويبني ويبتكر ويخترع ويبدع هو الإنسان المؤهل أخلاقياً وعلمياً، وأن الجاهل غير المؤهل يؤخر ولا يقدم، ولذلك يجب إعداده جيداً ليكون المحرك الفاعل والطاقة التي لا تنضب لقطار التنمية، ومهما حشدت الدول من إمكانات سيسهل هدرها إذا كان الإنسان غير مهيأ لمعركة البناء والانطلاق لآفاق رحبة، نوعية، تنقل الوطن من حال إلى حال، وهو ما استوعبته دولة الإمارات العربية المتحدة مبكرا، منذ قيامها، فكان توجهها الحاسم نحو الإنسان، تبنيه وتؤهله كشرط ومقدمة لكل بناء آخر ناجح.
بناء الإنسان استمر هدفاً استراتيجياً لتمكينه من عناصر القوة والفكر والإبداع اللازمة ليتحول إلى اللاعب رقم واحد في منظومة التنمية الشاملة المستمرة للبلاد، وكلما زادت متطلبات التنمية كلفة وتنوعاً وغزارة، باتت زيادة حجم تأهيل الإنسان لمهماته أكثر من ذي قبل كأمر منطقي يناسب طبيعة الأشياء، فعندما ننشد مزيداً من التطور يجب أن نبذل جهداً إضافياً في تأهيل الإنسان وتدريبه، وجعله عنصراً فاعلًا، ليستطيع تنفيذ ما هو مطلوب منه بكفاءة عالية.
وهنا بالضبط يجب أن نقف مطولاً وندقق ملياً في الميزانية الاتحادية التي أعلنها مجلس الوزراء للسنوات الثلاث المقبلة «2018 – 2021»، لدى اجتماعه مؤخراً برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، والتي تؤكد بحزم أن شعار الدولة واحد لم يتغير، وهو التنمية البشرية الفاعلة، وصولاً بها إلى الثروة البشرية الطائلة.
ميزانية العام المقبل التي تبلغ 51 مليار درهم، خصصت الحكومة منها 43,5% للتعليم والصحة وتنمية المجتمع، وجميعها مرتبطة بالخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين، بما يدل على كبر حجم الإنفاق الحكومي المباشر على الإنسان، والارتقاء بملكاته، وتوفير سبل العيش الرغيد له، ليكون الهدف الأكثر وضوحاً هو الاستثمار في الإنسان، وخلق إنسان جديد تماماً، ابن عصره، متقد الذهن، قادر على أن ينتج جديداً صباح كل يوم، من خلال نظام تعليمي متطور، وخدمات صحية راقية، وبرامج تنمية اجتماعية تساهم في تحويل حياة المواطن إلى حياة مشبعة بالرفاهية.
ولأن الإنسان هو الثروة الأعظم في البلاد، فإن الحكومة لا ترفع عينها عنه، تستهدفه في كل نشاطاتها وتوجهاتها، لأنها صادقة في بناء وطن المستقبل، لتنال الأجيال القادمة نصيبها من الثروة التي تمتع بها آباؤهم وأجدادهم، وحافظوا على نصيبهم منها وزيادة، وهكذا حكومة تستحق كل الشكر والاحترام والتقدير، تماماً كما يستحقه الشعب الذي حفظ الأمانة بصدق وإخلاص منقطع النظير، في زمن يتكالب فيه الأفراد والدول في البحث عن المصالح الخاصة فقط.

ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى