الابتكار.. المهمة الجماعية
شيماء المرزوقي
يعتقد بعضهم أن العمل مع فريق يتكون من عدة أشخاص فيه إضاعة للوقت والجهد، فضلاً عن هذا فيه إضاعة لحقوق الملكية الفكرية للفرد، بمعنى أنك قد تبدع وتقدم ما هو مفيد، ثم يُكافأ الفريق، وليس من سهر وتعب على إنتاجه وابتكاره، وهذا الكلام من الممكن أن يكون صحيحاً في حالة واحدة فقط عندما يكون فريق العمل مسمى لا أكثر، ولا وجود له على أرض الواقع، بمعنى عندما لا يكون هناك عمل جماعي فعلاً.
العمل الجماعي له أسس وأنظمة ترتب طريقته وآلية العمل، وليس كما يحسبه بعضهم من العشوائية، فلو كان بهذه الطريقة فلماذا يسمى عمل جماعي؟. من أولى المهام لأي فريق عمل هو التنسيق وتوزيع الأدوار والنقاش والحوار المستمر وتبادل الأفكار وتطويرها بشكل دائم ووفق جلسات مجدولة ومنظمة. ولعل من الصور المشرقة والمبهرة لنجاح العمل الجماعي ما يسمى بجلسات العصف الذهني، فهذه الجلسات تعني المشاركة في تقديم أفكار جديدة بشكل جماعي، ولكن لعل أهم ما يميزها ليس تقديم الأفكار المبتكرة الجديدة وحسب، وإنما التدقيق فيها وتطويرها، فعندما يطرح أي فرد من الفريق فكرة ما، يتم النقاش والحوار حولها وهناك تدخل عدة عقول وتفكر بهدف واحد هو استخلاص أهم ما في الفكرة من فائدة وتطويرها بشكل واسع، وهذه العملية تساعد على تلافي الأخطاء عند تطبيق أفكار جديدة، قد نحسب للوهلة الأولى أنها تحمل فائدة بشكل واسع ولا ضرر فيها، ولكن بعد التطبيق تظهر عدة ملاحظات وأخطاء.
النقاش والحوار الجماعي يعني مشاركة أكثر من عقل وهو ما يعني تقوية الفكرة وتعميم فائدتها، وإذا أمعنا النظر للكثير من المخترعات والمبتكرات في عالمنا اليوم فإننا سنجد أنه يقف خلفها مجموعة من المبتكرين والعلماء، وليس مخترعاً واحداً وحسب، كمثال يمكن استحضار الحاسب الآلي «الكمبيوتر» الذي مر بالكثير من التطويرات وإدخال الكثير من المبتكرات عليه، فهناك جملة من العقول اشتركت في تطويره، وعملية التطوير مستمرة ولم تتوقف، العمل الجماعي مهم للبشرية بأسرها، ولكنه علم يجب أن يتم تدريسه لنستخلص منه أكبر الفوائد وليكون العائد علينا أكثر فائدة ولا يوجد فيه ظلم لأي فرد.
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com