الانتخابات الليبية
فيصل عابدون
تزايدت التصريحات في الآونة الأخيرة عن انتخابات عامة ورئاسية في ليبيا. وحدد مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة العام القادم 2018 موعداً للانتخابات، وتحدثت قيادات ليبية عن ضرورة إجرائها في حال فشل جهود الحل السياسي، كما أعلنت دول غربية في مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا دعمها لإجراء الانتخابات العامة والرئاسية معتبرة أنها الطريق الأفضل لتطبيع الوضع السياسي وإعادة الاستقرار إلى هذا البلد المنقسم بشدة. لكن كل تلك التصريحات تبدو وكأنها محاولات للقفز فوق الواقع الراهن.
ووضع سلامة أربعة شروط لإجراء العملية الانتخابية تتمثل في اختيار مفوضية وطنية فعالة وكاملة التجهيز، وتوافق الأطراف على قانونين جديدين للانتخابات الرئاسية والعامة وثالث لانتخابات المحليات، بالإضافة إلى تنقية الوضع الأمني عبر قيام الميليشيات بتسليم أسلحتها للدولة ثم اقتناع القوى المتنافسة وتوافقها على قبول النتائج. وحذر من أن «إجراء الانتخابات دون أن تكون الأطراف الأساسية قد قبلت مسبقاً الاعتراف بنتائجها هو مغامرة غير محسوبة»، مشيراً إلى أن في ليبيا اليوم برلمانين وثلاث حكومات.
برلمانان وثلاث حكومات وجيش حكومي وقوات مسلحة يعترف بها المجلس الرئاسي وتتمركز في طرابلس ومليشيات تسيطر على العديد من المدن وعصابات مسلحة تنتشر في جيوب مختلفة وتمتهن الجريمة. هذا هو الواقع الحالي وهو واقع صراع وانشقاقات وانقسام وأزمة متعددة الجوانب ومتدحرجة باستمرار، وفي مثل هذا الواقع يبقى الحديث عن الانتخابات نوعاً من الهروب إلى الأمام «وصراعاً على سلطة غير موجودة»، كما وصف سلامة الوضع الراهن في ليبيا وشخصه.
إن المنطق السديد هو وضع الحصان أمام العربة وليس العكس. وتركيز الجهود على توحيد السلطة السياسية ومؤسساتها العسكرية والأمنية وفرض الشرعية على كافة أنحاء الدولة حيث يمكن أن تنتشر القوات الأمنية الموحدة في كافة أنحاء البلاد لتوفير الحماية للمرشحين والناخبين ولمراكز الاقتراع ولجان الانتخابات. لن تفكك الميليشيات نفسها وتسلم أسلحتها طوعاً قبل التوصل إلى اتفاق سياسي. حل الأزمة هو الضمانة للانتخابات وليس العكس.
وقد لاحظ الباحث السياسي كريم ميرزان مدى التناقض الذي ينطوي عليه إلحاح الداعين لإجراء الانتخابات مع اشتداد الأزمة واتساع رقعة الانقسام. وحذر ميرزان خلال اجتماع البرلمان الأوروبي من «مغبة السقوط في فخ الانتخابات دون رسم أرضية صلبة لاقتراع ذي مصداقية وإرساء مؤسسات ثابتة.
كما أعلنت روسيا موقفاً معاكساً لتيار المتعجلين لإجراء الانتخابات واعتبرت أن من المستحيل الحديث عن موعد للانتخابات في ظل الانقسام الراهن. وقال ليف دينغوف، رئيس فريق الاتصال الروسي المكلف بملف ليبيا في وزارة الخارجية الروسية ومجلس الدوما، إن من السابق لأوانه مناقشة المسألة قبل موافقة رسمية مسجلة من جميع الأطراف.
Shiraz982003@yahoo.com