«البريكست» الناعم
فيصل عابدون
رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تريد خروجاً ناعماً بموجب اتفاق قانوني من عضوية التكتل الأوروبي، لا يسبب فوضى سياسية داخلية ولا خسائر اقتصادية أو يضر بمكانة بريطانيا ونفوذها على المستوى الدولي. وهي تقول إنها لن تحيد عن المهمة وسط الأجواء الصاخبة التي أفرزتها نتائج تصويت البريطانيين بمغادرة البيت الأوروبي. وتؤكد أن رسالتها الأساسية هي «تحقيق الإرادة الديمقراطية لشعب بريطانيا».
ولكن المهمة تبدو بالغة التعقيد والحساسية وتكتنفها مصاعب جمة بالنسبة لرئيسة وزراء لم تكن في الأساس موافقة على خيار الخروج من الكتلة الأوروبية وصوتت ضده.
وخلال الأسبوع الماضي نجحت ماي في تحقيق اختراق ناجح في المفاوضات التمهيدية توصل بموجبه الطرفان إلى اتفاق على ثلاث قضايا جوهرية هي: حقوق أكثر من 3 ملايين أوروبي مقيمين في المملكة المتحدة، والبريطانيين المقيمين في دول الاتحاد، الحدود الفاصلة بين شطرَي إيرلندا، وفاتورة الخروج التي ستسددها بريطانيا إلى الخزانة الأوروبية، والتي تقدرها المصادر الأوروبية بين 50 و60 بليون يورو، فيما تتحدث الحكومة البريطانية عن «تسوية عادلة» تراوح بين 35 و39 بليون جنيه استرليني.
والاتفاق الذي تم التوصل إليه يعتبر نجاحاً مهماً لرئيسة الوزراء البريطانية التي تمكنت من المحافظة على توازن دقيق بين التيارات المنقسمة في حكومتها وفي البرلمان الذي وضع المزيد من القيود على تحركاتها عشية التوصل للاتفاق. وامتدح قادة الاتحاد شجاعة ماي وبراعتها التفاوضية وقرر إفساح الطريق أمام المرحلة الثانية من مفاوضات الخروج. وقالت ماي إنها ترغب في أن يصل الجانبان إلى المرحلة المقبلة، التي تحدد شكل العلاقات المستقبلية طويلة المدى بروح من «الإبداع والطموح».
لكن المرحلة المقبلة هي مرحلة التفاصيل التي يكمن الشيطان بين ثناياها. وبعيداً عن فرص الاتفاق حول قضايا التجارة شديدة التعقيد فإن من أمثلة الصعوبات غير المنظورة تحذيرات وزراء سابقين بأن أوروبا قد تسحب دعمها للموقف البريطاني في النزاع القادم مع الأرجنتين حول جزر الفولكلاند. كما أن السياسة الخارجية البريطانية ستظل تابعة لأوروبا في النزاعات الأخرى مثل الموقف الأوروبي من الصين أو العقوبات المفروضة على روسيا وغيرها من القضايا.
Shiraz982003@yahoo.com