البيانات والأمن القومي
توماس بوسرت*
يدرس الكونجرس الأمريكي حالياً تشريعاً جديداً يسمح بسرعة النفاذ إلى البيانات، التي يتم تخزينها في الخارج، التي يكون الهدف منها التخطيط للقيام بأعمال إجرامية تستهدف أمن الدولة وغيرها من بلدان العالم. وسيسمح القانون الجديد للولايات المتحدة بأن تكون في طليعة دول العالم؛ من حيث الأمن السيبراني، وتعزيز خصوصية البيانات غير الحساسة على مستوى العالم أجمع؛ حيث إن التحدي الأكبر، الذي تواجهه الولايات المتحدة في التحريات الخاصة بالجرائم والأنشطة الإرهابية يتمثل في عدم إمكانية الوصول إلى البيانات الحساسة الموجودة خارجها، حتى وإن كانت تلك البيانات بحوزة شركات تخضع للسلطة القضائية للدولة، وهي ذات المعضلة التي تواجهها بريطانيا والحلفاء الآخرون في العالم.
لا يمكن للمحققين الذين يعملون على تحقيقات تتوزع خيوطها في عدة دول حول العالم في أغلب الأحيان الوصول إلى جميع البيانات المطلوبة؛ بسبب أن تلك البيانات المطلوبة موجودة على خوادم خارج الدولة، التي يعملون فيها. وبالنظر إلى التسارع الكبير في تطور شبكة الإنترنت والشبكة العميقة، التي تتم فيها أغلب الجرائم، فإن الأطر القانونية لا يبدو وأنها تتطور بالسرعة التي تتطور معها تلك الجرائم، وهو ما يفرض حتمية مساهمة شركات التكنولوجيا الكبرى في تلك الجهود، التي تهدف في المقام الأول إلى تعزيز الأمن القومي للدول.
تدور حالياً في أروقة المحكمة الأمريكية العليا قضية يمكن أن تنسف كل هذه الجهود التي تسعى لتأمين طريقة فاعلة للحصول على المعلومات الضرورية الخاصة بالجرائم والأنشطة الإرهابية، التي يجري التحقيق فيها حالياً. ومن المقرر أن تتم دعوة العديد من شركات التكنولوجيا؛ لمناقشة الأمر والنظر في إمكانية تعاونها مع الجهود المبذولة في هذا الصدد، ولكن يبدو أن الشركات لن توافق على التعاون بشكل كامل بالنظر إلى أنها تعد البيانات، خصوصاً التي تحتفظ بها خارج الولايات المتحدة، إحدى أصولها المهمة، التي يحتكرها القطاع.
ولكن على الرغم من الرفض المتوقع من جانب تلك الشركات، فإن ما يدعو للتفاؤل هو وجود تشريع مضاد يضمن بطريقة ما سريان نفاذ الأطر القانونية الموضوعة؛ إذ قامت مجموعة من السيناتورات من الحزبين الجمهوري والديموقراطي باقتراح تشريع يوضح السلطة القانونية للولايات المتحدة؛ للحصول على البيانات والمعلومات المخزنة خارجها، ما سينتج عنه إيجاد اتفاقات خاصة تساعد على حل أي تعارض في قوانين الدول، التي سيتم منها الحصول على تلك المعلومات. وسيسمح مشروع القانون للنائب العام الأمريكي بعقد الاتفاقات اللازمة مع الدول الأخرى.
*نيويورك تايمز