غير مصنفة

التشرد في أمريكا يكشف اللامساواة

د. أرشد محمد خان*

من أهم نتائج اللامساواة، عدم قدرة بعض الفقراء على توفير سكن لائق، مما يضطرهم إلى التشرد.
قبل بضعة أيام نشرت منظمة أوكسفام الخيرية، تقريراً حول عدم المساواة في الثروة: أغنى واحد بالمئة، وضعوا أيديهم على 82% من الثروة التي تم توليدها في العام الماضي. وأسوأ من ذلك، أن 3.7 مليار شخص، يشكلون نصف الفقراء من البشر لم يكسبوا أي شيء.
وإذا كان ثمة في الولايات المتحدة، مَنْ يظن أن أولئك الفقراء، موجودون في مكان ناء، فليَقُم بجولة مع ليلاني فرحا، وهي محامية كندية ومقرِّرة خاصة تابعة للأمم المتحدة، بشأن السكن اللائق. وتتمثل مهمتها في تقييم الامتثال للقانون الدولي لحقوق الإنسان. أجل، إنّ السكن حقٌّ بموجب المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
زارت السيدة فرحا، الأحياء الفقيرة ومدن الصفيح في البلدان الأكثر فقراً مثل المكسيك والفلبين وإندونيسيا. ولكنها الآن في وسط مدينة سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، بناء على دعوة من بعض الناشطين. إنها مدينة يتجاوز فيها متوسط قيمة المنزل مليون دولار، ولكن سبب الدعوة يتعلق بالمشردين الذين يسكنون تحت الجسور، وفي الأزقة والزوايا المنعزلة، والذين كان عددهم حوالي 7500 في العام الماضي. وتنوي فرحا، التوجه إلى مدينة لوس أنجلوس بعد ذلك، بينما يساورها القلق، لأن الجميع يقولون لها إن الوضع هناك أسوأ بكثير.
المنطقة الواقعة غربي المحطتين الرئيسيّتيْن للسكك الحديدية في مدينة شيكاجو، كانت تبدو متهالكة قبل ثلاثين عاماً، ولكنك نادراً ما كنت تشاهد هناك شخصاً مشرداً أو متسوّلاً. والآن، تملأ المباني الجديدة الصقيلة الشوارع المتاخمة؛ هنالك متاجر جديدة، وشركات تجارية، وأماكن لتناول الطعام، ولكن المتسوّلين يملؤن الشوارع.
لم يعُد الحدّ الأدنى للأجور كافياً لتوفير المأوى، والبلاد ينقصها حوالي 7.5 مليون وحدة سكنية معقولة السّعر، وفقاً للائتلاف الوطني لإسكان ذوي الدخل المنخفض.
ووفقاً لمركز التقدم الأمريكي، فإن فوائد قانون الضرائب الجديد، موجهة لصالح أعلى واحد في المئة، في حين أن تكاليف التخفيضات، سيدفعها الأمريكيون متوسطو الحال في نهاية المطاف. وستضيف وفق معظم التقديرات ما لا يقل عن 1.4 تريليون دولار لعجز الميزانية، مما يهدد البرامج المخصصة للطبقة المتوسطة والفقراء، مثل برنامج رعاية كبار السن، وبرنامج رعاية الفقراء، ومَن يدري فقد تهدد أيضاً برنامج الضمان الاجتماعي.
وكان هذا القانون يتطلب 60 صوتاً من أصل 100 في مجلس الشيوخ، ومع 51 صوتاً جمهورياً فقط، احتاج إلى أصوات ديمقراطية.
أجل، إن عدم المساواة في الولايات المتحدة يزداد سوء عاماً بعد عام، وهو الأسوأ بين الدول المتقدمة، ولكنه لا يتوقف عند هذا الحد، فعدم المساواة في العالم مشكلة. وفي كل عام، قبل منتدى دافوس، تقوم منظمة أوكسفام الخيرية، بنشر تقرير ثم تطرح الموضوع على المنتدى. وفي كل عام يصغي الحاضرون، وفي كل عام تُدعى منظمة أوكسفام من جديد، وفي كل عام يتدهور الوضع. كان من النادر العثور على متسول في بريطانيا وفي الولايات المتحدة أيضاً، في خمسينات وستينات القرن الماضي؛ ولكن ذلك أمر شائع الآن.
لا يمكن لأحد أن يكون على يقين مما يعدّل كفة الميزان، ولكن الجميع يعلمون أن انعدام المساواة المتطرف أمر خطر. فقد أدّى، وسيؤدي إلى أحداث متطرفة.

*أستاذ جامعي سابق يعيش في الولايات المتحدة – موقع: «مودِرْن دبلوماسي»
(الدبلوماسية الحديثة)


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى