مقالات عامة

التنافس في تقنيات الجيل الخامس

مارك لونستين*

تعرف روسيا بأنها الرابح دائما في مجال الحرب الإلكترونية، بين أن الحرب التكنولوجية الأكثر تطوراً تدور رحاها الآن على ساحة تقنية الجيل الخامس من الاتصالات، بين كل من الصين والولايات المتحدة، حين لا تزال شركة هواوي الصينية ممنوعة من المنافسة في سوق البنى التحتية اللاسلكية الأمريكية، كما أن كبار مشغلي الهواتف في الولايات المتحدة تعرضوا لضغوط كبيرة لعدم إدراج منتجات الشركة الصينية ضمن باقات الهواتف الذكية التي تبيعها. وفي وقت سابق من الاسبوع الماضي، نصبت لجنة الاستثمارات الأجنبية نفسها حكماً في صفقة استحواذ «برودكوم» على «كوالكوم» بسبب الشكوك التي تحوم حول العلاقات الخارجية التي تتمتع بها مع جهات أجنبية، إضافة إلى المخاوف المرتبطة بإمكانية بيعها قطعاً خاصة بكوالكوم إلى الصين.
كل تلك الأمور تدور في الغالب حول مسألة الأمن الوطني، ويبدو أن تقنيات الجيل الخامس ستكون معركة كبيرة بين الدول في سيطرتها على مسارات التكنولوجيا والاتصالات في العالم، فبعد أن قادت القارة الأوروبية ثورة الجيل الثالث من الاتصالات، وقادت الولايات المتحدة ثورة الجيل الرابع، فإن الصين تتخذ نهجا جديدا يجعلها الرائدة في قيادة الجيل الخامس من الاتصالات، حيث حظيت شركة «هواوي» بنصيب كبير من الحصة العالمية في سوق هواتف الجيل الرابع، خصوصا مع انخفاض أسعار منتجاتها التي جعلتها في وضع تنافسي جديد مع شركات مثل أريكسون ونوكيا في الأسواق خارج الولايات المتحدة.
تلعب الحكومة الصينية دورا كبيرا في مساعي شركاتها للاستحواذ على هذا السوق الذي يعد بالكثير من التحكم والسيطرة في مجال الاتصالات المتطورة، إذ إنها تستثمر أموالا طائلة في البنى التحتية وتقدم دعما كبيرا لشركاتها الساعية إلى أن تصبح رائدة في هذا المجال. كما أن الحجم الكبير للسوق الصينية اليوم يجعل منها قوة كبيرة تفرض نفسها في هذا الجانب، كما أن رخص الأيدي العاملة مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، حسب اعتقادي، يمكن أن يرجح كفتها في صنع الفارق وقيادة ثورة الاتصالات القادمة. الصين هي أكبر سوق للأجهزة اللاسلكية في العالم، كما أن الثروات المتنامية فيها تسمح للطلاب الصينيين بالدراسة في أرقى الجامعات الأمريكية ومن ثم أخذ كل تلك المعارف والعولمة إلى بلدهم.
نحتاج الآن إلى التفكير بعمق في مسألة التعليم التقني، الذي أصبح الأداة التي تمكن الدول من التطور على حساب دول أخرى، خصوصا في التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، حيث قرأت مؤخرا العديد من التقارير التي تشير إلى وجود فجوة كبيرة في التقنيين المتخصصين في مجالات معينة في الولايات المتحدة وخارجها، ويكون ذلك من خلال تخصيص برامج دراسات جامعية تهتم بهذه الجوانب.

*تيك أوبنيان

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى