غير مصنفة

التوازن في الذكاء الاصطناعي

ريتشارد ووترز *

أظهرت دراسات حديثة العديد من الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي والروبوتات في سوق العمل، حيث إن أكثر ما ترغب شريحة من الاقتصاديين حول العالم في إيصاله أن الروبوتات لن تكون ذات تأثير سلبي في البشرية إلى المدى الذي يتوقعه كثيرون، رغم أنها يمكن أن تؤثر بنسب مختلفة في معدلات الإنتاجية البشرية كما حدث بعيد فترة الحرب العالمية الثانية التي تراجعت فيها الإنتاجية إلى مستويات متدنية تاريخياً.
وحذرت تقارير ودراسات أخرى من أن نصف المهام التي يقوم بها الموظفون والعمال اليوم يمكن أن يغزوها الذكاء الاصطناعي، وفي حين أن شريحة الوظائف التي يمكن أن تشغلها الأجهزة والروبوتات تبدو غير كبيرة إلى المدى الذي يعتبر مقلقاً، إلا أنها ستؤدي إلى تسريح الكثير من الموظفين ذوي المهن المتخصصة في حال لم تتبن الحكومات الاستراتيجيات التنظيمية للذكاء الاصطناعي، وخططاً أكثر توسعية في البنى التحتية والتدريب.
دراسة أخرى حديثة أشارت إلى أن النمو الاقتصادي، وتأرجح مستوى تبني التكنولوجيا الحديثة والأنواع الجديدة من الوظائف، يمكن أن يستمر لفترة تؤدي إلى تأخر تبني هذه التقنيات، ومن جانب آخر أيضاً، تسريع وتيرة التوجه نحو تبنيها في مجال العمل واستبدال الأيدي البشرية العاملة. ويقول خبراء إن هنالك فكرة سائدة بأن كل الوظائف التي يقوم بها البشر ستتلاشى خلال العقدين المقبلين، وهي ترجيحات متشائمة، على الرغم من أن حجم التحدي من غزو الذكاء الاصطناعي مجالات العمل يزداد يوماً بعد يوم.
إن ثورة الذكاء الاصطناعي التي تستعد لغزو قطاع القوى العاملة البشرية ستؤثر في الثورة الصناعية أيضاً، فالنزوح الكبير من جانب المزارعين والعمال وسكان الأرياف الذين يعتمدون على الزراعة في كسب قوتهم إلى المدن مثلاً، سيردع استمرار تطور هذه التكنولوجيا، ويقيد تبنيها واستخدامها، أما إذا وجدت الحكومات سبيلاً للموازنة بينهما في منظومة متناسقة، فإن النتائج يمكن أن تكون إيجابية، فيما أن انحياز الحكومات بالكامل لثورة الذكاء الاصطناعي يخلق تحديات جدية.
وتحتاج الدول التي ستتأثر أكثر من غيرها بالثورة الذكية مثل الولايات المتحدة واليابان، إلى ضخ المزيد من الأموال في استمارات البنى التحتية والإنشاءات لحصر الآثار السلبية لتلك التوجهات الجديدة، خصوصاً أن أحدث التقارير أشار إلى أن 15% من ساعات العمل التي يؤديها البشر اليوم ستتم أتمتتها بحلول 2030، وهو ما يعادل التخلي عن نحو 40 مليون وظيفة.

* «فاينانشيال تايمز»

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى