الجامعة في ميزان الأحداث
عبد اللطيف الزبيدي
هل صحا العالم العربيّ على الحقيقة؟ هل أدرك أن «الأصدقاء» قد قضوا سبعين سنة يعملون على إخراجه من التاريخ؟ الخروج من العصر يكون بالحرمان من ثلاث: القوة، العلوم والتنمية الشاملة. من ينجح تنمويّاً في محيط متوتّر، يجد جنّته محفوفة بالمكاره، تعرقله البيئة الجيوسياسية.
فانتازيا الأوهام التحررية من التخلف، ظهرت قبل عقود، تدعو إلى التخلص من شعارات العقد الخامس بدعوى أنها مهترئة: الوحدة، التضامن، الدفاع المشترك، التكامل الاقتصادي وغيرها. لم يسأل النظام العربيّ: كيف اكتشفت دول «البريكس» سبل التعاون الإيجابيّ في ما بينها؟ هل الصين والبرازيل متجاورتان؟ هل لروسيا وجنوب إفريقيا لغة مشتركة؟ هل الهند والصين من أرومة واحدة؟ ما الذي جناه العرب عندما رموا بشعارات الخمسينيات في سلة المهملات؟ إذا كان الدفاع المشترك طنطنة متخلفة، فما معنى «الناتو»؟ ولماذا تريد منظمة شنجهاي أن تغدو حلفاً عسكريّاً أيضاً؟ ما السرّ في أن «الفيتو» حق للأقوياء فقط؟ هذه أسئلة تجاهلها يحمّل النظام العربيّ مسؤولية قصوى، لاستحالة إقناع الشعوب العربية بأن عليها قبول المستحيل، وهو أنها أضعف من أن تحرّك ساكناً، وأنها في حالة انعدام الوزن مغلوب على أمرها. الآن، الآن، على النظام العربيّ المتمثل في الجامعة، ألاّ يتخلى عن شعوبه، درءاً للعواقب التي لم يضعها في الحسبان. الحسابات التي سادت العقود الماضية، كانت دائماً: «فورة غضب وتهدأ». الجديد الجدير بمعادلات مختلفة تماماً هو: لم تشهد البلدان دماراً كالذي حدث، والشعوب تعرف المصدر والمأتى والأسباب والمسبّبين. ليس من العقل إهمال آثار الهوان الذي قاسته النفوس، حتى في البلدان العربية التي لم تكن ضحايا مباشرة. على الأنظمة أن تعي وتدرك أن السكوت استهانة بمقومات الأمن القوميّ وأركانه. الاستقرار الاجتماعيّ من أهم أسس الأمن القومي. كيف يشعر أيّ نظام بالاطمئنان إلى الغد، إذا كانت معنويات شعبه محطمة بفعل فاعل خارجيّ معلوم، حتى ولو امتلك كل أسلحة العالم؟ ماذا تقول الجامعة لشعوبها، حين يتغنى مسؤول «إسرائيلي» فخراً وشماتة: «لقد عملنا سبعين سنة في سبيل ما تحقق اليوم»؟ الجماهير العربية (وهذا مصطلح آخر «دقة قديمة») ستسأل: وأين كان النظام العربيّ طوال هذه العقود؟ هل كانت وعود السلام تعني «على القضية السلام»؟ الجامعة اليوم أمامها لحظة تاريخية عليها اغتنام معانيها وأبعادها بالعمل الصادق لا بالإنشاء، بوضع خطة عملية لا بالتوصيات التي لم توفّق حتى لو كان الهدف منها الدعابة. هذه الفرصة إذا أحسنت تلقفها، فسوف نقول: صارت لدينا جامعة.
لزوم ما يلزم: النتيجة السبريّة: بسيطة، على منظمتنا إطلاق استطلاع للرأي يكشف لها مكانتها لدى الشعوب.
abuzzabaed@gmail.com