الحرب التجارية
فيصل عابدون
هل من الممكن أن تقود الحرب التجارية الى حرب حقيقية بالنيران بين الدول المتصارعة على المصالح والنفوذ؟ الإجابة هي: نعم. وقد حدث ذلك في أكثر من بلد. ولكن السؤال الأكثر الحاحاً هو: هل من الممكن أن تقود المناوشات والإجراءات العدائية الحالية بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكل من الصين والاتحاد الأوروبي إلى نشوب حرب تجارية تنفتح على كافة الاحتمالات؟
الأمر هنا يتوقف على قدرة الأطراف على احتواء التوتر والتصعيد والدخول في مفاوضات ذات جدوى، وتقديم التنازلات الضرورية لنزع فتيل الأزمة. وبدأت الكرة تتدحرج باتجاه المواجهة عندما أعلن ترامب الخميس الماضي أنه سيفرض تعريفات جمركية على واردات بلاده من الصلب بنسبة 25 بالمئة، والألمنيوم بنسبة 10 بالمئة، وهي الخطوة التي أغضبت الصين وقادة الاتحاد الأوروبي الذين توعدوا بإجراءات انتقامية في مواجهة الخطوة الأمريكية، لكن ترامب هو الذي بادر بالحديث عن الحرب التجارية وقال: «إن الحروب التجارية سهلة ويمكن كسبها».
وعلى الرغم من أن قراره لم يستثنِ الاتحاد الأوروبي الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة، فإن الواضح أن هدفه الرئيسي كان موجهاً إلى الصين بشكل خاص، وهي المرحلة الثانية من المواجهة المفتوحة.
ففي نوفمبر الماضي، منع ترامب امتلاك الصين شركة «لاسي سيمي كونداكتر» المتخصصة في إنتاج أنواع فائقة التطور من الوصلات التكنولوجية المهمة ورقائق الكمبيوتر، بدعوى الخطورة التي يشكلها انتقال ملكية الشركة إلى الصين على الأمن القومي الأمريكي. وتنتظر الصين أيضاً موافقة الإدارة الأمريكية على استحواذ أكبر شركة مزود لخدمات الإنترنت في الصين – على شركة «مونيجرام» الأمريكية للتحويل المالي بقيمة 1.2 مليار دولار، كما أن مجموعة «الصين أوشانوايد القابضة»، تسعى للحصول على موافقة لاقتناء شركة التأمين الأمريكية «جينورث» المالية في صفقة بقيمة 2.7 مليار دولار، وكذلك سعي الصين لشراء سوق الأوراق المالية في شيكاغو، وتلك الصفقات الثلاث من المشكوك فيه أن توافق إدارة ترامب على إمضائها للصين.
والآن تجيء قضية رسوم واردات الصلب الأكثر عدائية. الصين ستهدد وتتوعد لكنها ستختار المفاوضات في نهاية الأمر. ويقول الدكتور بريك براند الخبير الاستثماري والاستشاري السابق في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إن الصين تدرك تماماً أنها على الرغم من الضربات الموجعة والخسائر الضخمة التي سيمنى بها الاقتصاد الأمريكي إذا ما تفشت العداوة بين الطرفين، فإن حجم خسائرها سيكون أعظم.
من جانبها، تعتبر الباحثة الاقتصادية فينيسا بينتينج، أن حلفاء واشنطن الأوروبيين لن يكونوا سعداء بأي أضرار يصاب بها الاقتصاد الصيني، لأن ذلك يعني تقليص معدلات استيراد الصين من السلع الأوروبية.
Shiraz982003@yahoo.com