«الحرب على الإرهاب» تتمدد
كاثرين بستيمان*
في العام 2001، أطلقت الولايات المتحدة «الحرب على الإرهاب» رداً على اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول. ولكن هذه الحرب المتواصلة تجاوزت الآن استهداف تنظيم إرهابي وتمددت عبر العالم.
بينما ندخل الآن السنة 17 ل «الحرب على الإرهاب» التي تشنها الولايات المتحدة، من المناسب، والضروري أيضاً، أن نجري مسحاً لأماكن انتشار قوات عسكرية أمريكية ومعرفة الغاية من هذا الانتشار.
والإعلان المفاجئ في الخريف الفائت عن مقتل أربعة جنود أمريكيين في النيجر كان تذكيراً قاسياً بأن القسم الأكبر من الرأي العام الأمريكي، وحتى كثيرين من أعضاء كونغرسنا، لا يعرفون بالضبط ما هي «الحرب على الإرهاب»، ولا أين تجري معظم عملياتنا العسكرية. وحسب خريطة جديدة وضعها معهد الشؤون العامة والدولية في جامعة براون في ولاية رود آيلاند الأمريكية، فإن الولايات المتحدة تخوض الحرب على الإرهاب هذه في 76 بلداً – أي في 40% من بلدان العالم.
وما بدأ مع «عملية الحرية الدائمة» التي أطلقها الرئيس جورج بوش مع غزو أفغانستان في أكتوبر/ تشرين الأول 2001، أصبح الآن توسعاً متسارعاً للانتشار العسكري الأمريكي عبر الكرة الأرضية. وفي ما يتجاوز الشرق الأوسط، أصبح هذا التوسع أكثر كثافة في إفريقيا منه في أي منطقة أخرى.
وفي الوقت الراهن، يجهز الجيش الأمريكي جيوشاً وقوات شرطة أفريقية بكميات ضخمة من الأعتدة والتكنولوجيا العسكرية، ويقوم بتدريبها وتزويدها بالخبرة. وأصبحت إفريقيا الآن موطناً ل «أرخبيل واسع من مخافر أمامية» يضم قواعد عسكرية أمريكية، ومعسكرات، ومجمعات، وتسهيلات في موانئ، و«مواقع تعاون أمني».
وتم نشر قوات عمليات خاصة أمريكية لمطاردة مقاتلين ومتمردين محليين عبر منطقة الساحل (في غرب وشمال وسط إفريقيا)، في حين توجه طائرات بلا طيار ضربات لقتل إرهابيين مستهدفين في بلدان متعددة. ولكن ضربات هذه الطائرات تقتل وتجرح أيضاً مئات على الأقل من المدنيين. وعبر القارة، أجرت قوات أمريكية وأفريقية مناورات عسكرية مشتركة.
وهذا التوسع هو نتيجة لإنشاء «القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا» (أفريكوم) التي تغطي أنشطتها القارة الإفريقية كلها باستثناء مصر. وربما يكشف هذا الانتشار العسكري المخاوف من المجهول في إفريقيا أكثر من كونه استراتيجية عسكرية فعالة لمحاربة الإرهاب.
وهذا التركيز على العمليات العسكرية في إفريقيا حول الأنشطة الأمريكية في القارة بعيداً عن الدبلوماسية، والمؤسسات الديمقراطية، والمجتمع المدني. وفي السنوات الأخيرة، لجأت الولايات المتحدة إلى حلول عسكرية لمختلف أنواع التحديات التي تواجهها إفريقيا. وعلى سبيل المثال، خلال انتشار وباء «إيبولا» في غرب إفريقيا، أرسلت الولايات المتحدة 4000 جندي «للمساهمة في القضاء على هذا المرض»، ولكن بدلاً من تقديم مساعدة، أثار وجود هذه القوات مظاهرات عدائية واضطرابات.
وإذا ألقينا نظرة عامة على هذا الانتشار الأمريكي، نجد أن عسكرة إفريقيا هي اليوم هدف رئيسي للسياسة الخارجية الأمريكية. وحتى اليوم، لا تزال الحكومة الأمريكية تمتنع عن نشر معلومات بشأن «أنشطة مكافحة الإرهاب» هذه. والتقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول مكافحة الإرهاب في إفريقيا لا يتضمن في الواقع أي معلومات حول العمليات القتالية الأمريكية في إفريقيا.
وماذا حقق هذا الانتشار الأمريكي؟ في الواقع، استهداف الجيش الأمريكي لمتمردين محليين مثل تنظيم «الشباب» في الصومال وتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» حول هؤلاء المتمردين إلى مجموعات إرهابية إقليمية خطيرة. وبدلاً من القضاء على النشاط الإرهابي، يبدو أن عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية تحقق العكس تماماً، حيث تحول مناطق مثل الشرق الأوسط وإفريقيا إلى أرض خصبة لتجنيد إرهابيين.
*بروفسور في كلية كولبي الجامعية بولاية مين الأمريكية، وستيفاني سيفيل، مديرة «مشروع أكلاف الحرب» للدراسات في جامعة براون في أمريكا – موقع «أنتي وور»