الحرب كمخرج للاحتلال
يونس السيد
الشرارة التي أشعلها ترامب باعترافه بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل» وقراره بنقل السفارة الأمريكية إليها، قد لا تتوقف حدودها عند المعركة الدبلوماسية التي تقودها واشنطن بـ«بلطجة» غير مسبوقة، بقدر ما تفرض احتمالات جدية باللجوء إلى الحرب كمخرج لها وللاحتلال «الإسرائيلي» معاً في إطار عملية الهروب إلى الأمام.
التصعيد الأمريكي «الإسرائيلي» بات واضحاً للعيان، فمن جهة، هناك إصرار أمريكي، رغم العزلة، على تحدي المجتمع الدولي، والإيغال في التصعيد، سواء عن طريق تقديم المزيد من الهدايا المجانية للكيان من نوع إهدائه حائط البراق (المبكى)، أو تهديد الدول التي صوتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة بقطع المساعدات، لا بل إن المندوبة الأمريكية في المنظمة الدولية نيكي هايلي اعتبرت أن مجرد طرح قضية القدس على التصويت في مجلس الأمن إهانة لأمريكا. ومن جهة أخرى، هناك تصعيد «إسرائيلي» على الأرض وفي الميدان، سواء ضد فصائل المقاومة في قطاع غزة، أو في قمع الحراك الشعبي الفلسطيني، بكل ما يملك الاحتلال من وسائل القتل والاعتقال والملاحقة والتنكيل. ناهيك عن حاجة الكيان للخروج من سلسلة الأزمات التي تعصف به، وفي مقدمتها الفساد الذي يتهدد رئيس حكومته نتنياهو وينذر بتفكيك تحالف اليمين المتطرف.
هذه المؤشرات تشي بأن التصعيد بات أمراً واقعاً في كل الاتجاهات، ولكن هل يلجأ الاحتلال، إلى المواجهة الشاملة أو إشعال الحرب، نيابة عنه وعن واشنطن، سعياً وراء إخماد الغضب العالمي عبر فرض أمر واقع جديد ينشغل العالم بتداعياته على حساب القدس وقرارات ترامب؟ وهل هناك ما يضمن نجاحه في ذلك، رغم كل ترسانته الحربية والفارق الهائل في موازين القوى، أم أن المقاومة والشعب الفلسطيني سيكون لهم رأي آخر؟
من البديهي أن تكون هناك حسابات دقيقة في هذا المجال، فالحرب لن تكون نزهة للاحتلال، والمقاومة لن تكون لقمة سائغة في فمه، إذ إنها ستعمل، في أقل الأحوال، على منع الاحتلال من تحقيق أهدافه، مهما كانت التضحيات، ومن يضمن أنه إذا اشتعلت الحرب ستتوقف عند حدود فلسطين، فالقدس هذه المرة، هي جوهر الصراع، وبالتالي فإن شرارة الحرب قد تتسع لتشمل المنطقة برمتها، أو قد تتحول إلى حرب دينية لا أحد يمكنه التكهن بنتائجها، وعندها قد يهدم المعبد على من فيه.
وهنا تكمن الخشية والمخاوف الحقيقية، من أن يتحول التصعيد الأمريكي – ««الإسرائيلي»» إلى طوق يلتف على عنق الكيان، ويؤدي إلى اتساع جبهة التضامن العالمي مع الفلسطينيين، وبالتالي إغراق قرارات ترامب في مستنقع السياسات الأمريكية و«الإسرائيلية».
younis898@yahoo.com