مقالات عامة

الخطوة التالية للفلسطينيين

علي قباجه

الملف الفلسطيني حمل مؤخراً في طياته الكثير من التفاعلات، أهمها عدم استقبال السلطة مايك بنس نائب دونالد ترامب خلال زيارته للمنطقة بهدف رسم فصول ما يسمى «صفقة القرن» على المقاس «الإسرائيلي»، ومحاولة تمريرها على الفلسطينيين، بحلول لا تغني ولا تسمن، ولا تلبي الحد الأدنى من الحقوق التي ارتقى في سبيلها مئات الشهداء، ثم تلتها انفعالات ترامب التي هاجم فيها الفلسطينيين بشراسة، ووصف قرارهم عدم استقبال المسؤولين الأمريكيين وآخرهم بنس ب «عدم احترام الولايات المتحدة»، وهدد بقطع المساعدات ما لم يقدموا الطاعة ويعودوا إلى المفاوضات مذعنين.
الثنائي «الإسرائيلي» – الأمريكي يدير لعبته الخطيرة في المنطقة بنوع من السطحية وانعدام الأفق، إلى جانب استخدام أساليب الصدمة والتخويف والإرهاب لتمرير مخططات مفضوحة، والتي وقف العالم أجمع في مواجهتها ورفضها. فتهديد أمريكا بقطع المساعدات هو أسلوب العاجز الذي فشل في تحقيق مآربه، إذ إن الدعم في أساسه زهيد، ومن المعلوم أن المساهمة الأمريكية في مجمل ميزانية السلطة تقل عن 15%، والفلسطينيون قادرون على تعويضها بسهولة، أي أن التهديدات ما هي إلا سراب لا تملك رصيداً.
من الجيد أن تصطف واشنطن إلى جانب الاحتلال، فهذا تحذير لكل من يعول عليها في تحقيق السلام، والنتيجة على هذا الصعيد كانت إيجابية، فموقف السلطة جيد للحظة، رغم أن المطلوب منها أكثر من ذلك، فهي ورغم الحصار الخانق الذي تتعرض له، لا زالت تملك أوراق قوة باستطاعتها المبادرة من خلالها، كوقف التنسيق الأمني، واللجوء إلى المنظمات الدولية وعدم التأجيل أو تضييع المزيد من الوقت، وضرورة التخلي عن خيار التسوية في ظل عدم وجود راع وشريك حقيقي.
الخطوة المقبلة تحتاج إلى برنامج وطني شامل، تجمع عليه القوى الفلسطينية، تكون بوصلته مواجهة الاحتلال فقط، مع ضرورة تجاهل السجالات الداخلية. فالقضية لا تحتاج إلى مزيد من التشظي في ظل وضع قوى كبرى كامل ثقلها لتهويد القدس ومقدراتها. ما قاله ترامب لا بد أن تبنى عليه السياسات الفلسطينية المقبلة، والتعامل على أساسها، والتصرف على أن الولايات المتحدة و«إسرائيل» وجهان لعملة واحدة.
التوجه الفلسطيني للبحث عن رعاة جدد لعملية السلام هدفه استعراضي نكاية بالولايات المتحدة، ولكن على الأرض فإن «إسرائيل» لن تقبل بأي سلام، والمطلوب من السلطة عدم تضييع الوقت في البحث عن سراب يسمى «سلام» مع قتلة الأطفال والشيوخ، في حين أن التعويل على الظهير العربي والإسلامي هو الأجدى، في ظل وجود جبهة رافضة للقرارات الأمريكية، فالتكاتف هو سيد المرحلة في ظل عالم لا يفهم إلا لغة القوة السياسية والمادية والمواقف الصلبة.
aliqabajah@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى