قضايا ودراسات

الراديكالية الجديدة في الإنترنت

* هيئة التحرير – نيويورك تايمز

لعبت وسائل الإعلام الاجتماعية دوراً رئيسياً في الصعود بتوجهات التطرف اليميني، الذي يتسم بالعنف في الولايات المتحدة، بما في ذلك ثلاثة أحداث وقعت مؤخراً؛ أولها اتهام رجل بالقيام بإرسال قنابل بالبريد إلى منتقدي الرئيس الأمريكي الحالي، وحادثة أخرى تمثلت في إطلاق النار على أمريكيين من أصل إفريقي بولاية كنتاكي، وانتهاء بالهجوم القاتل، الذي كانت كنيسة بيتسبرج مسرحاً له.
كل هذه الهجمات تندرج تحت مفهوم التطرف اليميني، الذي عرفته قاعدة بيانات الإرهاب العالمي في جامعة ماريلاند، ومع ذلك لا تزال الأمة تفتقر إلى استراتيجية متكاملة؛ لمواجهة التطرف العنيف، الذي يعزز الإنترنت من انتشاره. إن التصميم الأساسي لوسائل التواصل الاجتماعي؛ يؤدي في بعض الأحيان إلى تفاقم المشكلة؛ حيث إنه يعمل كداعم لبعض تلك المجموعات الخاصة؛ من خلال نشره لمفاهيم حرية التعبير، واحتواء منصات؛ مثل: «فيسبوك» و«يوتيوب» وغيرها على خوارزميات تعمل على الترويج للمحتوى الجاذب، الذي يكون في الغالب مسموماً.
هذه الديناميكيات، التي تتميز بها وسائل التواصل الاجتماعي لا تقتصر على نشر تلك الأفكار والتوجهات في الولايات المتحدة فحسب؛ بل في جميع أنحاء العالم، ففي ألمانيا، أظهرت دراسة أن المدن الذي تشهد تركزاً أكبر في استخدام موقع التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك»، هي أكثر المناطق، التي لاحظ فيها المراقبون هجمات أكبر ضد المهاجرين، وفي كل من سريلانكا وميانمار، فإن المنصة لعبت دوراً كبيراً في تغذية التوجهات المتطرفة، التي تنتهي غالباً بالعنف أو القتل.
وفي حين أن دوافع العنف تختلف من مكان إلى آخر، فإن الطرق التي يسلكها شبيهة ببعضها، وإذا ما عدنا إلى الأحداث، التي ذكرناها سابقاً، نجد أن سيزار سايوك المتهم بإرسال طرود البريد المشبوهة، قام بنشر روابط على «تويتر» و«فيسبوك» تتعلق بنظريات مؤامرة ذات صلة بهيلاري كلينتون والهجرة غير الشرعية، أما قاتل كنيسة بيتسبرج، فقد كان نشطاً على موقع «جاب»، الذي تعد معاييره فيما يتعلق بخطاب الكراهية والتشدد أقل منها في المواقع الأخرى.
هذه الهجمات لم تكن وراءها في الحقيقة أي منظمات أو جهات، فهؤلاء القتلة لم يلتقوا أبداً قبل تنفيذهم لتلك الجرائم، وليس هناك أي نوع من التفاعل أو التواصل بينهم؛ لكنهم يعملون ضمن توجهات تعصبية ومتشددة أكبر، وللأسف فإن هذا هو الشكل الجديد للتطرف، الذي يتمثل في إرهابيين موجهين ذاتياً؛ من خلال الرسائل، التي يستقونها من منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الأخرى، التي لا تراقبها ولا ترصدها السلطات.

زر الذهاب إلى الأعلى