السنابيون وهوس الشهرة
محمد القبيسي
أصبح التعطُّش للشهرة هوس بناتنا وشبابنا وحالة مرضية تُلقي بظلالها على منصات التواصل الاجتماعي، فتراهم ينشرون أي موضوع أو حدث أو مناسبة يحضرونها بغض النظر عن قيمة ما ينشرونه، غايتهم من وراء ذلك الظهور وجني الأموال.
فهل أصبح السناب شات وغيره من منصات التواصل الاجتماعي أداة يفرض أصحابها أنفسهم على الناس دون أن يكون لهم هدف أو رسالة غير التسلية وتكريس السخافة وحصد المشاهدات، انتهاءً بتحقيق الشهرة المفرغة من أي قيمة؟!
حتى أن الكثيرين أخذوا يشترون المشاهدات المزيَّفة بقصد الوصول إلى الشهرة بأسرع وقت، لتنتشر هذه الظاهرة في وقتنا الحاضر وتحقّق انتشاراً واسعاً بات يُعرف في السنوات الأخيرة بمشاهير أو نجوم السناب او غيره.
لا شك أن هناك فئة من الأشخاص أثبتوا وجودهم في عالم التواصل الاجتماعي بذكائهم وعلمهم وخبراتهم المتنوعة، واستطاعوا الوصول إلى عقول الناس وقلوبهم، منهم من أسرنا بكوميديته وآخر أبهرنا بمعرفته والمعلومات التي يطرحها، وغيرهم من المبدعين الذين أثبتوا أنهم أسماء بارزة تستحق الاحترام والثناء، فاستطاعوا استقطاب الشركات العالمية ليغدو الوجه الإعلاني لها ويحقّقوا المزيد من الكسب المادي.
لكن وإلى جانب ذلك، فهناك نماذج غير مشرّفة لأشخاص كان ظهورهم سبباً بانتشار قول مشهور على وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة وهو: «توقفوا عن جعل الأغبياء مشاهيراً»، وهذا أكبر دليل على أن العديد من المتابعين يشعرون بحالة سخط على ما يُعرض في هذه المنصات من فيديوهات تافهة.
والمزعج في الأمر أكثر، أن هذه الحالة أصبحت ظاهرة مزعجة ونوعاً من أنواع الإدمان وقلة الكرامة، حيث ترى الواحد من هؤلاء يشحذ اللايكات وكأنه يستجدي، فهل السعي وراء الشهرة أعمى بصيرة كل تلك الأعداد الكبيرة من الشبان والشابات العربيات ليجعلهم يعيشون حالة مرضية تستعصي على الشفاء! ألا يعلمون أن مصير التافهين منهم مهما علا شأنهم إلى عار يلحق بهم حتى آخر العمر؟!
إن ناقوس الخطر يدق باب أجيالنا التي تتعرَّض لموجة عارمة من التفاهة، ففي السنوات المنصرمة كنا نشكو تلك الأفلام التجارية والأغاني الهابطة، أما اليوم فغدا قسم كبير من بناتنا وشبابنا ينشرون على على منصات التواصل الاجتماعي ما هو أسوأ من ذلك بكثير سائرين خلف ركب السطحية دون أن يقفوا للحظة ويتساءلوا عن الفائدة من مثل تلك التصرفات؟! وما العائد أو القيمة الحقيقية التي ستعود عليهم منها؟!
فمتى سينقشع ضباب التفاهة وتستيقظ العقول التي غزتها منصات التواصل الاجتماعي ونعود إلى العقل الذي وُهبنا إيَّاه بُعيد انبثاقنا للكون؛ ذاك العقل الذي يدفعنا لاكتشاف المجهول والبحث عن المعرفة ويحثنا على الخير والخلق القويم؟!