الطريق لبناء مجتمع رقمي

ليونيد بيرشدسكي*
أثبتت تطبيقات التراسل الفورية أن بمقدورها العمل كوسائل دفع، بمجرد النظر إلى ما حققته شركة مثل «وي شات» في الصين، ولكن هل يمكنها العمل بالعملات الرقمية أيضاً؟ إذا ما استطاعت ذلك، فإنها بالطبع ستكون الاقتصاد الرقمي الموازي للاقتصاد المستقل.
الآن وبعد كل المحاولات التي تمت لتحويل العملات الرقمية خصوصا «البتكوين» إلى عملات يتم قبولها على نطاق عالمي واسع كوسيلة متقدمة للدفع، فإن الرسوم المرتفعة، وطول فترة معالجة الطلبات تجعلها صعبة التبني على النطاق المطلوب، وحتى إن تمكنت تلك العملات الرقمية من معالجة المشاكل المرتبطة بها، فإنه لا يوجد العدد الكافي من الناس الذين يستخدمونها على الدوام لجذب كبار تجار التجزئة إلى اعتمادها كوسيلة دفع مضمونة. وهناك فكرة تدور الآن حول طرح أولي عام لعملة إلكترونية بقيمة تبلغ 1.2 مليار دولار، ويبدو أن تلك الأفكار التي تدور حول تطبيق «تلجرام» الشهير للتراسل الفوري بجعله شبكة مفتوحة يعزز من التوجهات التي تتبنى فكرة بناء مجتمع رقمي يتمحور حول مستخدمي الموقع.
وقد وعد العقل المدبر لموقع «تلجرام» نيكولا دوروف، ومؤسس الموقع الاجتماعي الأشهر في روسيا «Vkontakte» بنسخة متطورة شبيهة بالبلوكتشين، بيد أن أفكاره لم توضح الطريقة التي سيتم بها تنفيذ تلك الفكرة، الأمر الذي أثار الكثير من التكهنات التي أشارت إلى أن مشروعاً كبيراً لجعل المجتمع رقمياً من خلال مواقع التواصل الفورية، يلوح حالياً في الأفق. لك أن تتخيل أن يقوم تطبيق التراسل الفوري بالعمل كجواز سفر إلكتروني، بعد أن يتم التعرف إلى هوية المستخدم من خلال نسخة من الهوية التي تصدرها السلطات الحكومية، وهي النسخة المشفرة التي لا يمكن لأحد الدخول إليها إلا عبر عملية التوثيق، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى تأسيس مجتمع رقمي يحظى بإعلامه الخاص، على شاكلة قنوات تطبيق «تلجرام»، التي ستكون مرتبطة بعملة رقمية مشفرة من خلال منصة عقود ذكية ستسمح لملاك تلك القنوات ببيع الإعلانات بطريقة أسهل مما يتم حالياً.
وفي حال تم تنفيذ تلك الأفكار، فإن المستخدمين سيتمكنون من تصفح شبكة الإنترنت عبر خادم مرتبط بالنظام، علاوة على أنه سيكون في مقدروهم استخدام الأدوات الإلكترونية الخاصة بالعملات الرقمية. ولكي نكون أكثر وضوحاً، فإن فكرة أن القاعدة الكبيرة لمستخدمي مواقع التراسل الفوري سترغب في الحصول على خدمات الدفع بواسطة تلك المواقع ليست بالضرورة فكرة ذكية، رغم أنها أثبتت نجاحها في الصين، أما في الولايات المتحدة فإن الوضع أكثر تعقيداً.
*بلومبيرج