العملات الرقمية بين الآمال والأوهام
بقلم: أنس بدر
في الاونة الاخيرة شغل موضوع العملات الرقمية بال العديد من الافراد في مختلف الفئات العمرية ذلك بسبب الارتفاعات السعرية التي حدثت لعملة مثل البيتكوين التي بدأت بسنتات معدودة وتجاوزت الستون الف في نيسان الماضي مما دفعهم الى الاهتمام بهذا النوع من العملات لكنهم وبلا شك اغفلوا الالمام بكامل جوانب هذه الانواع من الاستثمارات.
نُشِر الكثير عن مزايا هذه العملات فمنهم من وصفها بانها عملة غير مركزية فيهي لاتخضع لسلطة معينة يمكن ان تتلاعب بها، وآخر قال أن معظم اشكالها محدودة الكمية اي انها عملات غير تضخمية، وغيرهم من تحدث عن سرية المعاملات حيث لايتم الكشف عن هوية المتعاملين بهذه العملات، الا انه هناك من ينظر لبعض هذه المزايا بصورة معكوسة فهي وسيلة سهلة يتسلل من خلالها العمل غير المشروع بكل اشكاله الاقتصادية (التهرب الضريبي، غسيل الاموال) والامنية (تمويل الارهاب).
علاوة على ماسبق تكمن الاشكالية الاستثمارية لمثل هذه الاستثمارات التي ربما نكون دقيقين بوصفها بانها تفتقد للقيمة العادلة، فهي تختلف عن العملات الورقية التي تكون مدعومة بحجم اقتصاد الدولة ونفوذ سلطتها النقدية، كما تختلف ايضا عن الاسهم التي بمجرد معرفة ما تملكه الشركة من اصول وما عليها من التزامات يمكن تقدير القيمة العادلة لاسهمها، أما في ما يخص العملات الرقمية فلا احد يستطيع ان يقدر القيمة التقريبية العادلة لقيمتها، فالبيتكون على سبيل المثال لا يستطيع احد ان يقول انها تعادل دولار واحد او مئة الف دولار، اما فيما يتعلق بالتقديرات الصادرة عن عدد من المؤسسات الكبرى فهي ربما لا تتعدى أكثر من دراسة احصائية لللاتجاهات السعرية مع الزمن، كما يتفق الكثير من الباحثين على أن هذه الاستثمارات تحمل مخاطر تنظيمية مرتفعة فقد نستيقظ في احد الايام على قرار من احد السلطات النقدية في الدول الؤثرة تمنع فيها تداول او تعدين هذه العملات بما يقود الاسعار الى قيم متدنية وربما تكون صفرية
أما في ما يتعلق بالمتداولين لهذا النوع من العملات فاننا ربما نلاحظ ان استراتيجية المتداول السريع (Scalper) من اكثر الاستراتيجات المناسبة ذلك نتيجة التقلبات السعرية السريعة في سعر هذه العملات، كما ننصح المتعاملين بهذا النوع من الاستثمارات ان يكونوأ حذرين لان اقبال مستثمر مؤثر على العملات الرقمية لا يعني ان هذه العملة افضل من غيرها بشكل مطلق ولكن المستثمر المؤثر يشتري ليرفع السعر وربما يبيع ليجني الارباح التي يكون قد دفعها صغار المستثمرين.
في الختام نتفق جمعأ على حاجت المجتمعات المعاصرة الى العملات الافتراضية او الرقمية لتسوية المدفوعات بما يتوافق مع العصر الرقمي الذي نعيش فيه، ولكن الشكل الامثل لهذه العملات ربما يجب أن تكون اكثر تنظيماً وخاضعة لسلطات رقابية معتمدة ولاتخرج هذه العملات بشكل عام عن دورها كوسيط للتبادل ومخزن للقيمة وتمنح حاملها حماية قانونية لاي خسائر ناتجة عن عطل في المنصات التي تدير عمليات التبادل.