الفقر متعدد الأبعاد
د. حسن مدن
ينعقد الآن في مدينة شرم الشيخ، في جمهورية مصر العربية، مؤتمر يتناول موضوع «الفقر متعدد الأبعاد»، وهو موضوع جدير بالاهتمام، بالنظر إلى أنه جرت العادة أن يتم النظر لموضوع الفقر، في الأغلب الأعم، من زاوية يتيمة، تعتمد متوسط دخل السكان كمؤشر على حال البلد المعني، لتحديد نسبة الفقر فيه.
أما مؤشر الفقر المتعدد الجوانب فيأخذ في الحسبان الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الأساسية، مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي، ففي بعض الدول تتوفر هذه الخدمات مجاناً، أو بأسعار زهيدة بينما في دول أخرى لا تتوفر حتى بالنسبة إلى الأشخاص من ذوي الدخل.
وترى الدكتورة هبة الليثي، أستاذ الإحصاء بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن رسم استراتيجية مكافحة الفقر يجب ألا يقتصر على مواجهة الفقر المادي وحده، وإنما أيضاً الفقر متعدد الأبعاد، مطالبة بتوحيد طرق القياس للفقر بين الدول العربية، ما يساعد على وضع استراتيجية عربية شاملة بهذا الخصوص، يكون لجامعة الدول العربية دور فيها.
وحسب دراسة للمندوبية السامية للتخطيط في المملكة المغربية، فإن «التمثيل الخرائطي للفقر بالمغرب»، اعتمد على المقاربة النقدية للبنك الدولي، فيما المؤشرات المجالية الناجمة عنها لا تعبر سوى عن توزيع الموارد المالية المتاحة للأسر، خاصة الإنفاق كمقياس لمستوى معيشة السكان.
في حين تُمكّن خريطة الفقر متعدد الأبعاد من تقديم مؤشرات إحصائية عن الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، لتظهر أوجه القصور فيها، من أجل تشخيص جيوب الفقر على مستوى تقطيعات جغرافية صغيرة، مثل الجماعات والأحياء الحضرية، والأرياف، والمناطق النائية، وهي مقاربة شاملة من أجل فهم أفضل لتوزيع الفقر متعدد الأبعاد على مستوى تقطيعات جغرافية أصغر من تلك المعتمدة في البحوث الإحصائية لدى الأسر.
على صلة بذلك، تجدر الإشارة إلى أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كان أعلن، قبل نحو سبعة أعوام عن إطلاق مؤشر الفقر متعدد الأبعاد بهدف المساعدة في وضع برامج إنمائية محددة، حيث ساعد هذا المؤشر في الكشف عن طبيعة ومدى استفحال الفقر على مختلف المستويات، بدءاً من المستويات الأسرية إلى المستويات الإقليمية والوطنية والدولية.
وفي ضوء ذلك، قام الباحثون بتحليل بيانات واردة من 104 دول يبلغ عدد سكانها مجتمعة 5.2 مليار شخص أو 78% من عدد سكان العالم لإعداد هذا المؤشر، وبموجبه فإن 1.7 مليار شخص في تلك الدول، أو ثلث سكانها، يعيشون في فقر متعدد الجوانب، وهذا يفوق عدد الأشخاص الذين تم إحصاؤهم بحسب مؤشر الفقر الإنساني البالغ عددهم 1.3 مليار شخص، وبحسب المؤشر فإن نصف فقراء العالم يعيشون في جنوب آسيا، والربع في إفريقيا.
يعين هذا المفهوم في إدراك حقيقة أن الفقر ظاهرة مركّبة، لها عدة أوجه عدّة، وبالتالي فإن معالجته، هي الأخرى، يجب أن تكون مركّبة.
dr.h.madan@hotmail.com