قضايا ودراسات

الكونفدرالية و«حل الدولتين»

يونس السيد

إعادة إحياء الحديث عن إقامة كونفدرالية بين الضفة الغربية المحتلة والأردن، بدلاً من «حل الدولتين»، يكشف عن عمق المأزق الذي وصلت إليه جهود التسوية السياسية التي تقودها واشنطن تحت عنوان «صفقة القرن»، ويدخل في باب جس نبض مواقف الأطراف المعنية للقبول بحلول ومقترحات قديمة جديدة، استهدفت في جوهرها تصفية القضية الفلسطينية، ولقيت ولاتزال، رفضاً فلسطينياً وأردنياً، على حد سواء.
من حيث المبدأ، فإن إقامة كونفدرالية فلسطينية يقررها الشعبان الأردني والفلسطيني بعد قيام الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، وهو أمر توافقت عليه القيادة الفلسطينية منذ عقود، ولكن المقترح «الإسرائيلي» الجديد، كما كشفت عنه وسائل الإعلام «الإسرائيلية»، والذي نقله كوشنر صهر الرئيس ترامب إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس على هيئة سؤال عن مدى استعداده لقبول الكونفدرالية، لا يمتُّ بصلة إلى الموقف الفلسطيني الأردني الواضح والثابت من هذه المسألة. فالاقتراح، بحسب التسريبات «الإسرائيلية»، يستند إلى قيام حكم ذاتي في ما تبقى من الضفة الغربية، مع إخضاع القدس بالكامل للسيطرة «الإسرائيلية» وبقاء الاستيطان مصحوباً بغموض كبير حول مصير غور الأردن، واستبعاد قطاع غزة نهائياً الذي ستُسند إدارته الأمنية إلى مصر، رغم أن كل الاتفاقات الموقعة بين السلطة و«إسرائيل» تنص على وحدة الأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع، بينما تُسند إدارة الضفة الأمنية إلى الأردن.
من الطبيعي أن يرفض الأردن هذا الاقتراح الذي يسلب دوره التاريخي في القدس والإشراف على الأماكن المقدسة، ويريد تحويله إلى حارس أمني ل«إسرائيل»، ناهيك عن المخاوف الناجمة عن أن يكون هذا الاقتراح مدخلاً لتنفيذ خطة «الوطن البديل».
فلسطينياً، تبدو الأمور أكثر وضوحاً من حيث استكمال الخطط والضغوط الهادفة لتصفية القضية الوطنية، وهناك إدراك بأن الأصابع «الإسرائيلية» هي التي تحرك السياسة الأمريكية في المنطقة، وتعتقد أن الفرصة أصبحت سانحة للانقضاض على القضية الفلسطينية وتصفيتها تصفية نهائية، خصوصاً بعد سلسلة الخطوات الأمريكية من الاعتراف بالقدس عاصمة ل«إسرائيل» ونقل السفارة الأمريكية إليها، إلى «صفقة القرن» والبحث عن بدائل لإمكانية فشلها، إلى قطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية ووقف تمويل «الأونروا» ومحاولات شطب «حق العودة» وتصفية قضية اللاجئين، وهي كلها خطوات تجعل الرفض الفلسطيني ليس كافياً، بقدر ما تستدعي الرد سياسياً في الساحة الدولية وكفاحياً بإطلاق يد المقاومة ضد الاحتلال، والكف عن التنسيق الأمني معه، والتوقف عن التعامل مع مشاريع التسوية الأمريكية من قريب أو من بعيد.

younis898@yahoo.com

زر الذهاب إلى الأعلى