قضايا ودراسات

المجمّع الثقافي في أبوظبي

يوسف أبو لوز

في الذاكرة الثقافية الإماراتية والعربية، يحضر المجمّع الثقافي في أبوظبي، مكاناً تنويرياً منذ إنشائه في مطلع ثمانينات القرن العشرين.

والمجمّع في تلك السنوات الواصلة بين الثمانينات والتسعينات، كان مركزاً أدبياً ومعرفياً استقطب مئات الشعراء العرب الذين أحيوا أمسيات حاشدة بالجمهور، كان من شأنها التأكيد على ثقافة الشعر، بقراءات حيّة في مسرح المجمّع الذي عرفنا فيه في تلك السنوات المنفتحة على الثقافة والفنون والآداب، أكثر من نشاط ثقافي نوعي. وكلّها كانت فعاليات صادرة عن رؤية عملية بالدرجة الأولى، وتؤشر على جدية العمل الثقافي الذي كان يقوده فريق إماراتي شاب، من روّاده الشاعر محمد أحمد السويدي، الذي تولى منصب الأمين العام للمجمّع من 1990 وحتى 2006، وقد أسس قسم النشر ليشهد المجمّع حيوية ثقافية على صعيد صناعة الكتاب قبل عقود، إذ بلغت إصدارات المجمّع، وبحسب مصادر أرشيفية، أكثر من 300 عنوان.
كل القيادات الإدارية التي تولّت العمل في المجمّع الثقافي منذ 1981، كانت على درجة عالية من الوعي بأهمية هذا الصرح ورمزيته الثقافية والتاريخية، وأكثر من ذلك سيكون في مستوى مؤسسة كبرى انفتحت على العروض السينمائية والعروض الموسيقية ومعارض التصوير الفوتوغرافي.
عرض في المجمّع الثقافي كبار الفنانين التشكيليين من العرب ومن العالم ونشأت فيه مبكراً إدارة تهتم بثقافة الطفل، وتوجه إلى المجمّع كل من له شغف بالمسرح، وكل من له شغف بالقراءة.
كان المجمّع أكبر من مؤسسة، وأكثر من وحدة، بل هو وحدات متخصصة من بينها مثلاً: تلك الوحدات التي كانت تنظم دورات عملية في الخط العربي، والرسم، ومبكراً انتبهت إدارات المجمّع إلى القراءة سلوكاً وثقافةً ليجري في ضوء ذلك تنظيم دورات نحو تعزيز هذه الثقافة.
اهتم المجمّع بالتوثيق والأرشفة، ولا أنسى بشكل خاص مكتبته الضخمة بعناوينها الحاملة لثقافات شرقي العالم وغربه وبنظام إعارة شفاف ودقيق.
وفّر المجمّع، كما تقول الإعلامية والشاعرة الإماراتية إيمان محمد، خدمات الإنترنت وأجهزة الحاسوب مجاناً وبأسعار مخفّضة، وكان ذلك قبل أكثر من ربع قرن.
المجمّع الثقافي في أبوظبي ينفتح اليوم من جديد، على حياة الإبداع وثقافة التنوير في الإمارات، برؤية جديدة وتدبير إداري جديد يلتقي والتطور الحضاري والثقافي الذي تشهده الإمارات وتعتز به.

yabolouz@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى