مقالات عامة

«المطلوب رقم واحد»

يونس السيد

تعددت التسميات التي أطلقها الناشطون الفلسطينيون وشاركهم فيها الإعلام «الإسرائيلي» على المقاوم الفلسطيني أحمد جرار منفذ عملية قتل الحاخام المستوطن رازيئيل شيباح قرب نابلس، ومن بينها «القنبلة الموقوتة» و«الشبح» و«رجل الظل» و«المطلوب رقم 1»، قبل أن يسقط شهيداً في بلدة اليامون غربي جنين بعد عملية مطاردة واسعة لجيش الاحتلال استمرت نحو شهر وظل يقاوم فيها حتى الرمق الأخير.
لم يكن الشهيد أحمد جرار نموذجاً خارقاً، ولكنه كان إنساناً عادياً نشأ وترعرع في ظل الاحتلال وقهره وعدوانه المتواصل على أبناء شعبه، لكنه سرعان ما تحول إلى أسطورة، بفعل فشل الاحتلال وإخفاقاته الأمنية على الرغم من أنه حشد على مدى 29 يوماً جحافل قواته الخاصة في الجيش وجهاز «الشاباك» وما يسمى «وحدة مكافحة الإرهاب»، وبتغطية شبه دائمة من طائراته المسيرة «الدرون»، وقام بنصب الحواجز العسكرية واقتحم معظم القرى والمدن والبلدات في شمال الضفة الغربية، علاوة على نسف منازل لعائلته وأقاربه في جنين والضغوط التي مورست على أهله وأقاربه للإدلاء بمعلومات عن أماكن تواجده دون جدوى، بل إنه تمكن من الإفلات من كمائن نصبتها قوات الاحتلال ثلاث مرات في أقل من 24 ساعة. وعندما حاصرته قوات الاحتلال في أحد المباني في بلدة اليامون وصرخت عليه بمكبرات الصوت «سلم نفسك» لم يتردد أحمد في الخروج شاهراً بندقيته وما يملك من قنابل يدوية وعبوات ناسفة ليشتبك مع جنود الاحتلال في معركة غير متكافئة حتى سقط شهيداً.
لم يكن أحمد وحده هو «المطلوب رقم 1»، فهناك الكثير من المقاومين الفلسطينيين حملوا هذه التسمية، لكن حتى في لحظة استشهاد أحمد، كان هناك من يعتقد من «الإسرائيليين» أنهم خسروا المعركة، ليس لأنهم جندوا جيشاً كاملاً في مواجهة رجل واحد، ولكن لأن أحمد جرار جعل من نفسه نموذجاً متميزاً وملهماً للشبان الفلسطينيين المتعطشين لمقاومة الاحتلال، حيث كان قد رسم سيناريو قتل المستوطن «الإسرائيلي» من الألف إلى الياء، ووضع مخططاً للانسحاب والعودة إلى مكان آمن، وفق ما تقوله وسائل الإعلام «الإسرائيلية».
وهكذا فإن التهنئة التي قدمها نتنياهو لجيشه بهذا الإنجاز جاءت متأخرة كثيراً، أما حديث وزير الحرب أفيجدور ليبرمان عن إغلاق الحساب مع ملف جرار، وتوقعه بإغلاق الحساب قريباً مع منفذ الهجوم على «بن غال» أمام مستوطنة «أرئيل» شمالي الضفة، الذي جرى قبل ساعات قليلة من استشهاد أحمد جرار، فقد كان على شكل تعزية أكثر منه تعبيراً عن انتصار عسكري باهر على نماذج من المقاومة الفردية. ما يمكن قوله في هذا المجال أن الحساب لم يغلق ولن يغلق أبداً طالما بقي الاحتلال وطالما بقيت القضية الفلسطينية حية في قلوب أبنائها الذين سيتسابقون بالتأكيد على نيل شرف لقب «المطلوب رقم واحد».

younis898@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى