مقالات عامة

المقدسيون بعد القدس

يونس السيد

بعد قرار إدارة ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لـ «إسرائيل»، ونقل السفارة الأمريكية إليها، هل حان الوقت لإنهاء الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة، وفرض التهويد الكامل على المدينة؟، فيما ينشغل الفلسطينيون في جدل المصالحة والتمكين، ومناكفات أخرى عقيمة لا أحد يستفيد منها سوى الاحتلال، الذي يسعى لفرض الأمر الواقع على الجميع.
الجواب واضح في القانون، الذي أقره «الكنيست»، مساء الأربعاء، بالقراءتين الثانية والثالثة، الذي يتيح طرد المقدسيين من مدينتهم تحت حجج وذرائع مختلفة؛ إذ يمنح وزير الداخلية «الإسرائيلي» صلاحية إبعاد الفلسطينيين من سكان المدينة بكل الوسائل؛ عبر سحب هوياتهم، التي تمنحهم حق الإقامة المؤقتة، بعد قرار ضم شرقي القدس عام 1980، ضارباً عرض الحائط بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة؛ باعتبارهم أصحاب الأرض الأصليين، بذريعة عدم الولاء ل «إسرائيل» أو في حالة اتهام أي واحد منهم بالمساس بالأمن أو الانتماء إلى أي من فصائل المقاومة، وهي ذرائع تطال كل المقدسيين؛ تمهيداً لترحيلهم إلى الضفة الغربية.
والجواب أكثر وضوحاً في تصريحات نتنياهو، التي يقول فيها إنه لا يريد فلسطينيين
ك «مواطنين» في «إسرائيل»، أي أنه لا يريد فلسطينيين ليس في القدس وحدها، وإنما في كل فلسطين المحتلة. وحقيقة الأمر أن الاحتلال عمل كل ما بوسعه؛ لتهويد المدينة المقدسة؛ عبر سلسلة طويلة من عمليات هدم المنازل، ومصادرة الأراضي والممتلكات مباشرة أو من خلال الالتفاف غير المشروع واللجوء إلى شركات أجنبية؛ للاستيلاء عليها، ناهيك عن عمليات التهجير والترحيل، التي يترجمها سحب هويات آلاف المقدسيين؛ لكنه يسعى الآن لاستغلال اللحظة الراهنة بشكل أكثر وضوحاً وجرأة؛ بعد قرار ترامب، وفي ظل الظروف الإقليمية والدولية السائدة؛ لتكثيف هذه الإجراءات وكل ما من شأنه إفراغ المدينة من المقدسيين؛ بهدف فرض الأمر الواقع على الفلسطينيين، قبل ما يُسمى «صفقة القرن» أو أي تسوية محتملة قادمة.
القانون «الإسرائيلي» الجديد بشأن القدس؛ جاء تتويجاً لسلسلة من القوانين والقرارات العنصرية الهادفة إلى تضييق الخناق على الفلسطينيين، فقد سبقه مشروع قانون لمنع الآذان في المسجد الأقصى والقدس، وقرار بفرض ضرائب باهظة وبأثر رجعي على الكنائس قبل أن يتم تجميده؛ جرّاء موقفها الشجاع بإغلاقها رداً على إجراءات الاحتلال، وهناك قوانين أخرى تم إقرارها من نوع احتجاز جثامين الشهداء ومنفذي عمليات المقاومة، ومعاقبة الفلسطينيين باقتطاع أموال الضرائب الخاصة بهم وغيرها من تلك القوانين..
النوايا «الإسرائيلية» واضحة كل الوضوح في اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، وتصفية قضيتهم تصفية نهائية، فماذا أنتم فاعلون أيها الفلسطينيون والعرب؟!

younis898@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى