قضايا ودراسات

برزاني في بغداد.. ما الرسالة؟

صادق ناشر

خطوة جريئة تلك التي أقدم على اتخاذها رئيس إقليم كردستان العراقي السابق، مسعود برزاني، بزيارة العاصمة بغداد ولقائه بالعديد من الشخصيات الرسمية وغير الرسمية، فقد جاءت لتذيب جليد الخلافات الذي تراكم بفعل القرارات التي اتخذها الإقليم وتسببت بتوتر العلاقات بين الطرفين، خاصة ما يتصل بالاستفتاء على استقلال الإقليم، الذي كان محل رفض قيادة المركز في بغداد، دفعت بالأخيرة إلى ممارسة إجراءات عقابية، وصلت إلى حد المواجهة المسلحة بعد إعلان النتائج التي ذهبت لمصلحة الاستقلال.
زيارة برزاني إلى بغداد ولقاءاته برئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس الوزراء عادل عبدالمهدي وزعيم تحالف الفتح هادي العامري، وعدد من الزعامات السياسية، تبدو بمثابة محاولة لتهدئة الخواطر، والبحث عن سبل إنهاء الخلافات التي برزت في الأشهر الأخيرة، من بينها قضية الموازنة الخاصة بالإقليم التي خفضتها بغداد إلى 12%، بعد أن كانت قبل الأزمة تصل إلى 17%، إضافة إلى إعادة ترميم العلاقات السياسية والأمنية، وبالطبع التجارية، خاصة ما يتصل باستئناف الإقليم صادراته النفطية، وإن بشكل جزئي.
الفاعليات العراقية رحبت بالزيارة التي قام بها برزاني، لأنها تساعد على تهدئة التوتر القائم بين إقليم كردستان والقيادة المركزية في بغداد، وهي فرصة لأن يطرح الجميع مخاوفه من استمرار العلاقات غير الطبيعية بين الجانبين، لأن من شأن ذلك أن يسمح لأطراف أخرى من خارج العراق باللعب على وتر هذه الخلافات بهدف الإبقاء على عراق مقسم وغير قادر على مواجهة التحديات التي تواجهه، فتدارك الأوضاع قبل فوات الأوان يمكنه أن يمنع انقساماً في المستقبل، إذ إن بقاء العراق موحداً، مع احتفاظ إقليم كردستان بحكم ذاتي، كما هو وضعه الحالي، يخدم مصلحة العراق والمنطقة بأسرها.
كان من الواضح أن مرحلة ما بعد الاستفتاء على انسلاخ إقليم كردستان عن الدولة العراقية لن تكون كما كانت قبله، والخطوة الانقسامية التي أقدم عليها الأكراد بدت ضد رغبة العراقيين كافة، لأنها تذهب بوحدة البلد إلى التشتت والتمزق، لهذا كان يجب البحث عن أفضل السبل لاستعادة الثقة بين بغداد وقيادة الإقليم، وهو ما يمكن أن تحققه زيارة برزاني إلى بغداد، التي يبدو أنها درست جيداً للحصول على نتائج مرضية تؤسس لعلاقة أفضل بين الجانبين.
لقد أدرك الأكراد، وإن متأخراً، أن ما حدث في قضية الاستفتاء على استقلال إقليمهم، كانت مغامرة غير محسوبة العواقب، وقد أثبتت الأحداث اللاحقة أن حسابات الحقل لم تتطابق مع حصاد البيدر، وبالتالي عادوا إلى اللعبة السياسية سريعاً من خلال الانتخابات النيابية التي جرت في الإقليم مؤخراً.
وعلى الرغم من أن طابع الزيارة تصالحي مع الحكومة، إلا أن العديد يربطونها برغبة برزاني في نسج تحالفات جديدة لصالح أطراف مؤيدة لطهران بهدف إضعاف تيار الصدر، الذي يرغب في أن يخرج العراق من الجلباب الإيراني.

sadeqnasher8@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى