بعد «التركية».. العين على «العربية»
مارلين سلوم
أن تقاطع «إم بي سي» اليوم المسلسلات التركية، وتتوقف عن دبلجتها وعرضها والترويج لها، فهو أمر لا علاقة له بخريطة برامجية جديدة، أو رغبة في التنويع. إنه قرار جريء بلا شك، ولعله يتحول إلى إرادة فعلية في دعم الإنتاج العربي بكل ثقة، وثقل، وعدم التوقف عند الخلفيات الأخرى أياً كانت.
القرار لا شك جاء كالعاصفة التي سببت خلفها الكثير من تراشق الكلام، والتحليلات، والتداعيات، على طول الخط الموصول بين المنطقة العربية بأكملها، وصولاً إلى إسطنبول. كيف، ولماذا، ومنذ متى؟ وبين تلك التراشقات والمواقف، المهم أن نتوقف عند حقائق مهمة، طالما أن الأصوات التي نادت منذ زمن بعدم منح الدراما التركية أكثر مما تستحقه على شاشاتنا، لم تجد من يستجيب لها، فلتكن الفرصة متاحة الآن لرؤية الأشياء كما هي.
الشاشات العربية روجت بقوة لتلك الدراما، ومنحتها فرصة ذهبية لتكون القوة الناعمة التي تتسلح بها تركيا، فتستفيد للترويج لنفسها ولدعم سياحة بلدها، واقتصاده. نعم، هم استفادوا كثيراً، وعرفوا كيف يحولون نظرتهم للدراما من كونها صناعة تحتاج للدعم، وقطاعاً يستهلك الكثير لإنتاج أعماله من دون عوائد كبيرة ومربحة، إلى نظرة مختلفة تماماً، حيث أصبح قطاع الإنتاج الدرامي مصدراً لدعم الاقتصاد، يصدر الفكر والفن، ويدر الأرباح، سواء بشكل مباشر من خلال بيع المسلسلات للقنوات العربية، أو من خلال التأثير في الجمهور العربي، وهنا نذكر جيداً كيف فتحت تركيا أبوابها لاستقبال السياح، ونشطت لديها عروض السفر، والإقامة والفنادق.
هل نعرف كيف نستفيد نحن أيضاً من هذا القرار لنجعل من الدراما العربية بمختلف ألوانها، القوة الناعمة التي نتسلح بها؟ هل لدينا القدرة على غزو عقول الآخرين من خلال أعمال ثرية، لا نخاف من السخاء الإنتاجي عليها، لأنها ستدر في المقابل الكثير من الربح المادي والمعنوي والثقافي؟ هل نملك الجرأة الكافية لندعم الدراما العربية، ونشجع المؤلفين والمخرجين على تقديم أفضل ما لديهم من منطلق ثقتنا بما نملك من مواهب وقدرات وطاقات في الإبداع الفني؟
العين اليوم ليست على مقاطعة الدراما التركية وأسبابها، بل على الداخل العربي، وعلى شاشاتنا التي من واجبها أن تكون المروّج الأول للفكر والثقافة العربيين، وتدعم دولنا من دون مغالاة في الحزن، والقتل، والإرهاب، أو التتفيه، والسذاجة. علماً بأن الدراما التركية قدمت الكثير من الأعمال الساذجة، ومشى الجمهور العربي خلفها بلا تذمر.
marlynsalloum@gmail.com