مقالات عامة

بين إنسان الغد «الآلي» و«الآدمي»

نور المحمود

في أروقة القمة العالمية للحكومات، التي عقدت في دبي، كان المكان يعج بازدحام العقول المبتكِرة وتلك الباحثة عن تطوير التكنولوجيا والأرقام والاختبارات والخبرات.. ووسط تلك الزحمة أيضاً، برزت حكايات إنسانية جداً، أضفت لمسة مختلفة على القمة، جاءت لتذكرنا بأن التطور والغد لا يمكن أن يصير واقعاً وناجحاً، بلا تلك المواقف الآدمية والقصص و«البطولات» الرائعة لأشخاص تحدوا وتخطوا الصعاب بإرادتهم.
قصص المميزين من البشر، لا يمكنها أن تكتمل وتحقق «تميزها» في أي مجال، إن لم تكن مجبولة بشيء من الكفاح والمشاعر والجوانب «الآدمية». تلك اللمسات هي التي ستميز بين إنسان الغد الآلي، وبين «الآدمي»، وإذا تخلى عنها المرء فقد العالم روحه وكل معاني الحياة الحقيقية.
أريانا هافينغتون مؤسس والرئيس التنفيذي ل «ثرايف جلوبال» ومدونة «هافينغتون بوست»، دعت النساء إلى التركيز على «الإنسانية» في المستقبل، وتحدثت عن كيفية ضبط تعامل البشر مع الإلكترونيات كي لا يفقدوا هذه الجوانب الإنسانية فيهم، مقدمة اقتراحات منها ما يتعلق بالوسائل التي تستطيع من خلالها المرأة تعزيز الروابط الاجتماعية والتخفيف من ضغوط العمل والحياة.
غراسا ماشيل، أرملة المناضل الإفريقي نيلسون مانديلا قدمت صورة إنسانية جداً عن زوجها، الذي استطاع أن يكسب قلوب الناس فالتف حوله شعبه، وبفعل هذا الحب استطاع أن يكمل نضاله ويكسب قضيته.
الكويتية شيماء العيدي، مؤسسة حملة «أنا أقدر» لمحاربة مرض السرطان، وصاحبة أول موقع لعلاج سرطان الدم عند الأطفال بالخلايا الجذعية بالمجان، كانت نموذجاً حياً أيضاً لتميز البشرية بإنسانيتها، وقدرة المرء على التطوير وابتكار الأفكار ليسير العالم نحو مستقبل آمن صحياً وإنسانياً وتكنولوجياً. هي التي أصيبت بالسرطان، فقررت أن تساعد المرضى خصوصاً الأطفال في تخطي صعاب العلاج، عبر حملة «أنا أقدر» التي أطلقتها من بريطانيا.
الحملة لا تعرف الاستثناءات، بل تساهم في علاج كل طفل مصاب بسرطان الدم أياً كانت جنسيته أو عرقه أو ديانته، وأياً كان سنه، أي منذ الولادة وحتى 18 عاماً. تفتح الأبواب أمام المتبرعين بالخلايا الجذعية «مجاناً»، وتتولى مهمة التواصل بين المتبرع والمريض وتكمل معهم رحلة الشفاء.
المحطات لم تكن فضائية ولا خيالية ولا علمية ورقمية «جافة»، بل تطعّمت بالروح الإنسانية، والتضامن بين البشر من أجل الخير، كي لا يصير الغد مجرد أرقام وآلات وحقول تجارب بلا حياة وخوف واطمئنان وفرح حقيقي.

noorlmahmoud17@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى