مقالات عامة

تأخر البنى التحتية في أمريكا

جيمس ستافريدس*

مررت خلال الأعوام الماضية بعدد من مطارات الشرق الأوسط، خصوصاً منطقة الخليج، حيث لاحظت أنها مطارات فخمة جداً مقارنة بما هو الحال عليه في الولايات المتحدة، وتمتاز أيضاً بالحداثة، ولا أستطيع أن أجد مطاراً واحداً في الولايات المتحدة يمكن أن يضاهيها في أي من عناصر الجودة، وغيرها، أما الصين فإنها تبني اليوم واحدة من أكثر خطوط القطارات تطوراً، إضافة إلى موانئ حديثة، وطرق سريعة لا يتوقف العمل فيها أبداً. نحن لا نكترث إلا للأمور العسكرية، وكم نمتلك من الأسلحة والصواريخ، بيد أننا لا نفكر أبداً في البنى التحتية التي أصبحنا متأخرين فيها إلى مدى بعيد جداً، وهي الفجوة التي تتسع يوماً بعد يوم.
وقد بدأت مسألة الاهتمام بالبنى التحتية في الولايات المتحدة تتزايد من جانب السياسيين في الآونة الأخيرة، حيث طالب ترامب في خطاب حالة الاتحاد الكونجرس بالتصديق على مبلغ 1.5 تريليون دولار كاستثمارات لتطوير البنى التحتية في الولايات المتحدة، التي تتركز حول تطوير الطرق، والجسور، والسكك الحديدية، بيد أن البنى التحتية للقرن الحادي والعشرين، لا ترتكز على الحديد والأسمنت، بل إنها تتمحور حول البنى التحتية الرقمية التي يجب أن تعتمد عليها الولايات المتحدة في تطورها في هذا المجال الذي تتأخر فيه عن الكثير من دول العالم، الناشئة منها خصوصاً، وهو العصر الذي يتم فيه نقل جميع البضائع والسلع بكبسة زر على شبكة الإنترنت.
إن التحديث والتطوير الأكبر الذي يجب أن يطرأ في الولايات المتحدة من حيث البنى التحتية الرقمية، يجب أن يكون في الحكومة أولاً، حيث أصدر مجلس التكنولوجيا الأمريكي العام الماضي تقريراً سلمه للرئيس حول كيفية تحديث النظام الرقمي للحكومة، الذي أشار فيه إلى أن هنالك حاجة ماسة لذلك التطوير، عبر تطبيق عدد من الممارسات التي أرى أنها تفتقر إلى عنصر الابتكار.
يجب أن تكون أولويتنا الأولى منع هجرة العقول إلى الخارج، وهي البيئات التي تتنوع فيها عناصر الابتكار التي تجذب تلقائياً عقولنا البارعة التي يمكننا الاستفادة منها، والتحرر من ثقافة عدم تقبل التغيير، التي تعتبر العقبة الأكبر أمام الانتقال إلى المرحلة التالية من التطور، ويتجسد الحل في أن تتحول الحكومة إلى مكان جاذب للكفاءات من الناس، خصوصاً التقنيين من الشباب، حتى إن كان ذلك لبضع سنوات فقط، على أن يصبح القطاع الخاص المكان الذي يبدأ فيه هؤلاء المبدعون مهنتهم، وليس المكان الذي ينتهون إليه.

*بلومبيرج

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى