تعيينات وترقيات المواطنين
ابن الديرة
طموح الأداء الحكومي في بلادنا لا يحد. هذه حقيقة تجد أدلتها وتجلياتها في الواقع، لكن بقيت نقطتان متصلتان بالموضوع، لا بد من تسليط الضوء عليهما، وأبعد من ذلك، العودة إليهما بين الحين والحين: التعيينات والترقيات، فهل ننطلق من طرح هذين السؤالين الضروريين؟ أين يذهب المواطن الباحث عن عمل؟ وماذا يفعل المواطن المعين إزاء ترقياته المستحقة أو التي يفترض أنها كذلك؟ لا جواب قاطعاً أو قطعياً، وهنا مصدر الشك الذي استدعى ويستدعي إثارة الموضوع، فبعد هذه السنوات والعقود، وبعد تجربتنا في ميدان الوظائف والتوظيف، خصوصاً بعد تحويل «شؤون الموظفين» إلى «موارد بشرية» و«تنمية موارد بشرية»، كان ينبغي الالتفات الجاد إلى هذا الجانب الحيوي الذي هو في صميم تطوير الأداء الحكومي ثانياً، أما أولا فإنه على تماس مباشر بحياة ومستقبل الأجيال الطالعة، وبالتالي، حياة الأسرة المواطنة في مطلق المعنى ومحدده.
تحويل «شؤون الموظفين» إلى «تنمية موارد بشرية» لا يساوي تغيير اليافطات، بل يساوي تطبيق المفهوم الجديد بما هو فلسفة وبرنامج وأسلوب عمل، ومن البدهي في حالة التطبيق الواعي الالتفات إلى عنواني تعيينات وترقيات المواطنين، بحيث تجري الخطوات الخاصة بالشأنين ضمن قوالب ومسارات وإجراءات معلومة، بحيث يقاس مدى نجاحها، وفي الوقت نفسه، يقاس تعثرها أو حتى فشلها، ولا يمكن ترك هذين الأمرين الأساسيين، تعيين وترقية المواطنين للمصادفات، ولو حصل، فليس إلا عين الغفلة.
أين العلم والاستعدادات والتخطيط والدراسات الاكتوارية مما يحدث بالفعل، وَمِمَّا يدل أنه لا خطة أبداً في ميداني تعيين وترقية المواطنين، وإنما بعض اجتهادات مؤسسية وفردية في أحسن الأحوال؟ نريد إجابات مقنعة من جهات التوظيف والتوطين في الإمارات، مع التقدير الخالص لكل المحاولات والجهود المبذولة من قبل بعض المؤسسات الاتحادية والمحلية.
طبعا لا يخفى على أحد الأثر السيئ نفسياً واقتصادياً على المواطن، واللفظ يشمل، بطبيعة الحال واللغة، المواطنة، لدى البحث عن عمل، وربما لسنوات، من دون جدوى، بين إدارات تنفيذية تؤجل اتخاذ القرار لمدة قد تصل لسنوات، وإدارات أخرى لا تقبل طلبات التوظيف أصلاً.
التعليم، بكل أنواعه ودرجاته متاح في بلادنا، وهذه ميزة جميلة، لكن العمل، بشكل اعتيادي ومتوقع ومخطط له، ليس متاحاً، وهنا تكمن المفارقة التي تصرخ بأعلى صوتها: أريد حلاً.
وعن الترقيات وفوضى الترقيات فحدث ولا حرج، ومرة، قبل عقود، التقى وزير مع موظف، خريج مواطن يعمل في الوزارة نفسها في مصعد الوزارة، وسأله هل أنت زائر أم موظف معنا؟
قال الموظف: أنا موظف يا معالي الوزير، وأعمل رئيس القسم الفلاني منذ 25 عاماً.
ما لم يقله الموظف لمعالي الوزير الذي كان أمضى في الوزارة مدة مماثلة، أنه لم ينل ترقية ولم يشم رائحتها منذ تعيينه قبل 25 عاماً.
وانتقل الوزير إلى التقاعد، ثم انتقل، رحمه الله، إلى بارئه، وانتقل الموظف إلى التقاعد ولم يمت بعد، لكنه ما زال يطرح كل يوم سؤالاً واحداً من كلمة واحدة بحجم الندم والألم: لماذا؟
ebnaldeera@gmail.com