جدار المكسيك
صادق ناشر
الأزمة التي خلفتها قضية الجدار العازل بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك لم تنته فصولها بعد، إذ شهدت خلال اليومين الماضيين تطورات جديدة، أفضت إلى إلغاء الرئيس المكسيكي أنريك بينا بييتو زيارة كان من المقرر أن يقوم بها خلال شهر مارس/ آذار المقبل إلى الولايات المتحدة واللقاء بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
الزيارة ألغيت بعد محادثة عاصفة جرت بين ترامب ونظيره المكسيكي بعد إصرار الرئيس الأمريكي على ضرورة أن تقوم المكسيك بتشييد جدار يفصل بينها والولايات المتحدة على أن تقوم الأولى بالتكفل بدفع نفقاته، وهو ما رفضه الرئيس بييتو، ورغب في أن يكون هناك تمويل مشترك للمشروع، الذي تتعدى قيمته المليارات من الدولارات ولا تستطيع المكسيك تحمل كلفة بنائه لوحدها، ناهيك عن رفضه لفكرة المشروع من الأساس حيث يرى أن خطة بناء الجدار لا تخدم العلاقات بين البلدين، كما أن بلاده لا تؤمن بنظرية «الأسوار بين البلدان»، لأنها تصنع حواجز اقتصادية وإنسانية معاً، رغم أنه أكد خلال استقباله للرئيس الأمريكي في أول زيارة للمكسيك في سبتمبر/ أيلول 2016 إقراره بحق البلدين في بناء حاجز مادي أو جدار على حدوده من أجل وقف الحركة غير الشرعية للناس، والمخدرات والأسلحة.
مسؤولون أمريكيون أكدوا أن ترامب وبعد اتصال هاتفي بنظيره المكسيكي رفض موقف حكومة المكسيك الرافض لتمويل تشييد الجدار، الذي يعد أحد المحاور الأساسية في برنامج ترامب الانتخابي، ويرفض التخلي عنه، إذ إن ترامب يرى في هجرة المكسيكيين إلى الولايات المتحدة خطراً على البلاد ويرغب في أن يتم تشييد جدار يعمل على وقف الهجرة من المكسيك إلى أمريكا.
المسؤولون الأمريكيون وصفوا ترامب بعد المكالمة ب«المحبط»، حيث لم يقبل بموقف الرئيس المكسيكي، الذي تمسك بموقفه الرافض لتشييد الجدار على نفقة بلاده بالكامل، والذي سيكلف خزانة الدولة ما يقرب من 18 مليار دولار، دون أن تتعهد الولايات المتحدة بتقديم أي مساعدة في عملية تشييد الجدار، الذي يصل طوله إلى نحو 2000 ميل.
ركز ترامب في حملته الانتخابية للوصول إلى البيت الأبيض، وهو ما حصل لاحقاً، على الهجرة إلى الولايات المتحدة، وبرزت المكسيك واحدة من الدول التي وجه سهام انتقاداته إليها، حيث كان أكثر قسوة على مواطنيها، الذين اتهمهم بأنهم من مهربي المخدرات والمجرمين والمغتصبين.
في إحدى حملاته الانتخابية قال ترامب: «عندما ترسل إلينا المكسيك أبناءها لا ترسل أفضل الناس، بل ترسل من يطرحون المشكلات وينقلون معهم المخدرات والجريمة. إنهم مغتصبون»، وتعهد بالقضاء على هذا الخطر ببناء جدار للحيلولة دون تمكينهم من دخول الولايات المتحدة، عندما قال: «سأبني جداراً عالياً على حدودنا الجنوبية وستدفع المكسيك كلفة بنائه. اذكروا ذلك جيداً».
من المؤكد أن جدار المكسيك سيصنع جداراً موازياً من الخلافات السياسية بين الرئيسين الأمريكي ونظيره المكسيكي، لكن الأهم ألا يراكم جداراً من الكراهية بين البلدين، فالعلاقات بين البلدان تقوم على المصالح لا على البرامج السياسية.
sadeqnasher8@gmail.com