جدل التصويت في السودان
فيصل عابدون
تؤشر تحركات الساحة السياسية السودانية في الآونة الأخيرة، ومن بينها الجدالات الدائرة حول قانون الانتخابات إلى استعداد مبكر، ليس فقط في صفوف الحزب الحاكم ولكن أيضاً بين أحزاب الموالاة والأحزاب المعارضة تمهيداً للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في العام 2020.
وقد لوحظ مؤخراً تراجع موجة الانتقادات لإعلان حزب المؤتمر الوطني الحاكم وهيئاته الأخرى ترشيح الرئيس الحالي عمر البشير لولاية جديدة، بما تتضمنه من تعديلات دستورية مثيرة للجدل، لصالح النقاشات التفصيلية حول قانون الانتخابات نفسه، ما يعني أن الأطراف غادرت محطة التردد والرفض وباتت تحضر نفسها لخوض السباق.
وتحتوي خريطة الأحزاب والجماعات المعارضة للحكومة طيفاً واسعاً من الأحزاب القومية التاريخية مثل حزبي الأمة والاتحادي الديمقراطي والحزب الشيوعي والجماعات الأصغر حجماً مثل الناصريين والمؤتمرين السوداني والشعبي، علاوة على الأحزاب متناهية الصغر والناجمة عن انشقاقات قيادات حزبية. يضاف إلى هذه التشكيلة جماعات دارفور المسلحة والحركة الشعبية في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وباستثناء الحزب الشيوعي والجماعات المسلحة، فإن أغلبية الأحزاب السياسية أفصحت عن مواقف تؤكد مشاركتها في الاقتراع ضمن اشتراطات وضمانات معينة. ويصب الجدل الذي شهدته أروقة البرلمان طوال الأسابيع الماضية ضمن مساعي أحزاب الاندغام الحكومي لفرض اشتراطاتها في صياغة قانون الانتخابات تتيح لها ضمانات المشاركة المتكافئة وشفافية العملية برمتها.
وتركزت الخلافات بين الحزب الحاكم وأحزاب الموالاة في 17 بنداً في القانون المقترح من أبرزها عدد أيام التصويت والانتخاب المباشر لحكام الولايات، بالإضافة إلى السجل المدني وتصويت المغتربين، وهي نقاط تفصيلية يسهل الاتفاق حولها على أرضية الاتفاق على المشاركة، ولا تحتاج إلى تنازلات مؤلمة.
أما الحزب الشيوعي فقد أعلن منذ وقت مبكر مقاطعته للانتخابات بكافة مستوياتها لصالح خيار الانتفاضة الشعبية ، بينما تنتظر الحركات المسلحة في دارفور والمنطقتين اكتمال جهود الوسطاء الدوليين للتوصل إلى اتفاقات للسلام مع الحكومة السودانية، الأمر الذي يمنحها شرعية تكوين أحزاب سياسية والانخراط في العمل الجماهيري المفتوح في المدن والأحياء المختلفة.
وتمثل هذه القوى ثقلاً لا يستهان به، فالحركات المسلحة التي بدلت خريطة الولاء الحزبي في أقاليم دارفور والنيل الأزرق وجبال النوب، سيكون بروزها على واقع العمل الجماهيري ظاهرة استقطاب جديدة عالية الجاذبية. بينما يتركز تأثير الحزب الشيوعي في مناطق الوعي في المدن الكبرى.
ويمكن القول باختصار، إن الانتخابات السودانية تخطت عتبة المقاطعة وهي تتحول إلى واقع عملي، يسنده تراجع الخيارات الأخرى لدى أطراف الصراع وتعقيدات الوضع السياسي والاقتصادي، كما تدعمه جهود وضغوط أمريكية وأوروبية تهدف لوقف التدهور لصالح الدولة ومؤسساتها.
وانتخابات 2020 بهذا المفهوم هي الخيار المتاح، وهو يمثل بالنسبة للحكومة فرصة لتعزيز الشرعية في عالم يتغير بسرعة، وهو بالنسبة للشعب وسيلة آمنة للتغيير.
وفي هذا الخصوص يقول الباحث الدكتور حسن مكي، إن هناك 8 ملايين عائلة سودانية تعيد النظر والتفكير، لأن القضايا دخلت مرحلة صعبة، وهم يفكرون في مستقبل البلاد، وزيادة الدخل، وتشغيل الأبناء، ويفكرون فيما إذا كانت المنظمات العاملة في الحكومة قادرة على معالجة قضايا الأزمة الاقتصادية والغلاء وتدني العملة المحلية.
Shiraz982003@yahoo.com