جنرال الخفاء برتبة “دكتوراه مزورة”
فارس بن حزام
لم يكن خلق الشقاق أو تقديم مبدأ الفرقة مجداً أو انتصاراً ذات يوم عدا في حساب الطارئين على المشهد، أو الذين يشعرون بدونية المرحلة وقصور الرؤية؛ مهما كان امتداده في التاريخ وأياً تكن سلالته في الحكم، فما نراه من هذا الرجل، من هوس في القيادة، وتحريك دمى الحكم في الخفاء، يفوق ما صنعه ساسة التدمير وجنرالات أميركا اللاتينية منذ الخمسينيات، ومَن سبقهم من بلاشفة ومارقين.
تصنع سنوات نجاحك بحذر من دراسة عسكرية، فالحصول على شهادة الدكتوراه خلال أشهر قليلة، بدعم وفد عربي كبير في نيويورك، فتوالي مناصبك الكبيرة. كل هذا من قدرات القادة النجباء غير العاجزين عن شيء.
وأقول، بعد استعراض صورتك الأولى، أن تقتل وتحصد الأرواح وأرضها، فذلك ظاهر بالصوت والصورة في منصات الإعلام وواضح للعيان، أما وأن تقدم نفسك قائداً تاريخياً للتغيير، ومنهجاً قوياً للتحولات فهذا محل تقدير. لكن أن يكون هذا التقديم ومنهجك على حساب من أقاموا قصرك عبر الزمن، موقف الإمام فيصل بن تركي الشاهد الأقوى على ذلك. وعلى حساب من جعلوا لعائلتك جواراً كريماً، فهذا منتهى النكران، ولن يدفعك إلا إلى مزيد من الغطرسة ومحو الآخر، وتنصيب نفسك “المرشد الأسمى” في التاريخ الحاضر، بصفتك رائد التغير ومؤسس التحول.
فإن استأثرت بالحكم عام 1995 على تقليد عربي رصين، على حكم شيخ حليم لم يعتد، ولم يبذر مداخيل الدولة؛ فذلك من شيم القاتل، التي شهدناها على مدى 18 عاماً، يُدير أيادي الخصومة والفرقة في كيان خليجي يسعى إلى التماسك والتقارب. وشهدناه كيف يتجنى على الجوار الكبير وعلى أهله، أما تنازلك عن الحكم لنجلك عام 2013، فلا دلالة أوسع من طمعك في التفاخر والتميز كصفات لم تكسبها من قبل، فأنت المبجل الذي لم يتمسك بالحكم كما يفعل غيرك، بحسب ذريعة الأنفة الواهية داخلك، وتبقى في الخفاء تمارس أساليب اللعبة القديمة في الحكم، والسياسة المظلمة، مستعيناً بشاب في الإمارة ينحني لتقبيل يد “العراب”، التي لها الشأن الأول في تجفيف منابع السلم، وفي حياكة إجهاض أي تقدم لكيان الخليج العربي، واختراق أي تحالفات لأمنه وصون بلدانه. فلم تكن تلك الخطط على عينك، ولم تكن المعاهدات من صنيعة أفكارك، فكان يلزمك اليوم أن تزيد الفتق العربي الكبير، وكان عليك أن ترخص ماء الوجه أمام الحلفاء الكبار، الذين تقرنهم بحليفك الجديد العابث في العراق وسوريا واليمن؛ ضارباً بأي معنى للموازنات عرض الحائط، ومتبنياً أشد الطرق خطورة في العمل السياسي، وهي بلا شك طرق لم تقررها “الدكتوراه المزيفة”. ولكن ترفض إلا أن تتخذ طريق الشتات والمخالفة، وتتجنب حقيقة عروبتك والدم الصادق، الذي يسفك بآلة حليفك الجديد والأرض، التي تدنس بقدم حليفك الجديد.
فهنيئاً لك هذه النهاية الواضحة في كشفك وتعريتك أيها الجنرال الخفي!