مقالات عامة

حقبة ولد الشيخ

صادق ناشر

مع نهاية الشهر الجاري، يكون مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قد أنهى حقبة من حقب التدخل الأممي في اليمن، وطوال الفترة التي قضاها في مهمته، نجح الرجل في بعض الملفات وأخفق في أخرى، لكن يحسب له أنه حاول بقدر كبير من الحماس وضع حد للحرب التي اشتعل أوارها في 2014، وهو العام الذي شهد مساراً دموياً بين الأطراف السياسية الفاعلة في الساحة، أفضت في نهاية المطاف إلى استيلاء جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في شهر سبتمبر/ أيلول، ومن ثم توسعهم إلى خارجها، ما أشعل حرباً شاملة بين الجماعة وحلفائها من جهة، والشرعية المسنودة بالتحالف العربي عام 2015.
لم تكن مهمة ولد الشيخ هينة أبداً، فقد واجه خلافات حادة نشبت بين المتفاوضين، الذين خاضوا ثلاث جولات من المباحثات، كانت أهمها تلك التي احتضنتها دولة الكويت، حيث كان الجميع قريباً من التوصل إلى حلول توافقية، إلا أن الارتباطات الخارجية حالت دون تحقيق ذلك في اللحظات الأخيرة، فقد انقاد الحوثيون إلى رغبات طهران في عدم التوصل إلى اتفاق شامل، وقرروا نسف كل ما تحقق من توافقات.
ومثلما أخفق جمال بنعمر، المبعوث الأممي السابق في وضع الوصفة النهائية لعلاج الأزمة في اليمن، أخفق ولد الشيخ في تجاوز إخفاقات سلفه، وسار على نفس النهج، وأبرز المثالب التي وقع فيها ولد الشيخ غياب الحزم، الذي كان من المفترض أن يبديه حيال المتسببين في عرقلة إنجاح الحل السياسي، وعدم القدرة على تحقيق إنجاز ينقذ اليمن من الحرب التي تطحنه مع مرور كل يوم.
الجولات المكوكية التي قام بها ولد الشيخ بين صنعاء وعدن وعواصم اتخاذ القرار الإقليمي والدولي، لم تسعفه في إيجاد التوليفة المناسبة لحل الأزمة، ربما يعود ذلك إلى تمترس الأطراف حول مشاريعها السياسية، وعدم رغبتها في تقديم تنازلات تحدث اختراقاً كبيراً في المفاوضات التي استفاد منها الحوثيون في إعادة ترتيب أوضاعهم عسكرياً، خاصة خلال العام الأول من الحرب، قبل أن يفقدوا جزءاً من المساحة التي كانت تقع تحت أيديهم، بمساعدة من أنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي تخلص منه الحوثيون الشهر الماضي، وصاروا وحيدين في مواجهة الجميع.
حقبة ولد الشيخ فشلت في إخضاع المتمردين للقانون الدولي، فقد أدى عدم تعاون الحوثيين مع المبعوث الأممي إلى وصول العلاقة بينه وبينهم إلى طريق مسدود، لأن الجماعة كانت ترغب في أن تكون مواقف المبعوث الأممي تتسق مع رغباتهم في تكريسهم قوة وحيدة على الأرض، كما حدث مع المبعوث السابق جمال بنعمر، الذي كان في ضيافة القائد العسكري الأول في الجماعة أبو علي الحاكم في صعدة أثناء دخول مقاتليها إلى العاصمة صنعاء، وانقلابها على الشرعية ومحاصرة دار الرئاسة ومنزل الرئيس عبدربه منصور هادي.
تطوى حقبة ولد الشيخ وتبدأ حقبة المبعوث الجديد مارتن جريفيتس، وهو بريطاني مطلع على أوضاع اليمن، فهل ينجح في ما أخفق فيه بنعمر وولد الشيخ؟
sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى