مقالات عامة

حوارية أخلاق الخلائق

عبد اللطيف الزبيدي

قلت للقلم: اليوم الجمعة، فلنتذكّر القضايا الأخلاقيّة، أهملها الناس من زمااااان، أين رموا بها؟ في الدّرج؟ في الدهليز مع الكراكيب؟ بيني وبينك هي آخر ما يمكن أن يتظاهروا به، فالأمّة على قارعة التاريخ ورصيف العصر، فلترفع في الأقلّ شعارات أخلاقيّة في عالم لا أخلاق له، دعها تتفرّد بشيء. العرب اليوم لا يملكون ناصية علوم الفضاء والكون ولا علوم الأرض.
قال: في كلامك شطط، فلا توجد أمّة في الدنيا تتمسّك بميراثها الأخلاقيّ كهذه. نحن نطبّق الموروث حرفيّاً، تماماً كما لو كنّا حواسيب في الدقّة وتنفيذ الأوامر، إلى حدّ الغفلة عن المضمون واستعماله في الموقع المناسب الواجب.خذ مثلاً: «يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا.. نحن الضيوف وأنت ربّ المنزلِ». هل تجد في التاريخ كله ما هو أصدق انطباقاً على القرن الذي مضى على وعد بلفور؟ نهاية مطاف المسيرة هي أن الغاصبين غدوا أصحاب الديار الفلسطينيّة، وبات الشعب الفلسطينيّ في الشتات، وما له غير الفتات، قيل لهم: «آوت»، قال لهم ترامب من مسافة عشرة آلاف كيلومتر: لا للقدس، لا للعودة، لا لدولة في فلسطين، لا للسلاح والدفاع، لا للأونروا، لا لليونيسكو، لا للمصالحة بينكم، انسوا كل ذلك، لكن في إمكانكم الحظوة بالجلوس إلى الذين أعطيناهم صك ملكيّة الدار والحق المطلق في التفوّق على كل العرب، للتفاوض على غير ذلك، ريثما يفرغون من بناء آخر مستوطنة على آخر شبر وتشريد آخر فلسطينيّ.
قلت: كلامك يحتمل الأضداد. أنتذا تقول إن الأمّة تفهم الأخلاق بالمقلوب، فالمصيبة في العقل العربيّ. على غرار القائل نقول: «دع الأخلاق تفعل ما تشاء.. وطب نفساً إذا حلّ البلاءُ». أين الأخلاق في تخلّي العرب عن العرب وكلّ مكوّنات الأوطان؟ ماذا عن قبول المخططات والإملاءات، التي عملت ليل نهار على تمزيق سيادة أرض الحضارات العريقة في العراق وسوريا، وجعلت ليبيا تتحلل وتتفسّخ، وتريد بمصر السوء وتراها الجائزة الكبرى، وهلمّ تشتيتاً وتفتيتاً؟ أين أخلاق الأنظمة التي لا تحرّك ساكناً في سبيل التنمية الشاملة وإسعاد شعوبها، وتحريرها من القمع والاستبداد؟ أين أخلاق تطوير التعليم وتشييد صروح البحث العلميّ، ورفع هامات الإبداع والاختراع والاكتشاف وإنتاج العلوم واقتحام سوح الصناعة والزراعة؟ أين أخلاق إنقاذ الدين من أفاعي تشويه الدين بالتكفير والعنف والتطرّف؟ قال: لم أكن أدري أن الأخلاق سياسة واستراتيجيّة، هل أنت على يقين من أنك غير محموم تهذي؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الفلسفية: في عالم لا تحكمه الأخلاق، تصبح الأخلاق في مأزق تبحث عن نصير.
abuzzabaed@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى