حواريّة المسيلميّة السياسية
عبد اللطيف الزبيدي
قال القلم: أريد أن أفهم. قلت: ما كلّ ما يُفهم يقال. كيف عرفت أن قوانين العرب تسمح للشعوب بالفهم؟ قال: هل سمعت بمادّة قانونيّة تحظره؟ قلت: إنهم قاسوها على النحو، ففيها المستتر والمقدّر والمضمر، واستطابوا التأويل والتفسير، لهذا ترى الظاهر غير الباطن، وعندما «يدبّسونها» في رؤوس الناس، يصبح الأمر صحيحاً متفقاً عليه.
قال: أريد أن أفهم علّة عدم فهم النظام العربيّ الأحابيل التي تحيق بنا محاقاً ماحقاً. هل يحتاج المرء إلى نبوغ خارق، لكي يدرك التوقيت المقيت لتوازي عودة الإسلام إلى واجهة الأحداث العالمية، مع ظهور الإرهاب وتحوّله إلى تسونامي مدمّر للبلدان التي تكمن في جوف جغرافيتها بحار من الطاقة المتنازع على نهبها، حتى أصبحت الشعوب كراكيب تكنس، فلا يجد حيّ في أرضه متنفساً؟ قلت: المشهد ساخر، بكل مكر زاخر، برنارد لويس، اليهوديّ المؤسس للدمار العربي، لم يدّع أنه مسيلمة الكذّاب، كان واضحاً صريحاً. وضع خطّة أكاديميّة استراتيجيّة معلنة سهامها موجهة إلى الإسلام والمسلمين، العرب بخاصة، بل خاصة الخاصة، لكي تطبّق «إسرائيل» في نهاية المطاف المثل العربي القديم: «خلا لك الجوّ فبيضي واصفري». الخبث الأنكى، هو أنه حين اتخذ قرار تنفيذ مخطط برنارد لويس، احتيج إلى حشد من أمثال مسيلمة: بوش الابن، طوني بلير والمحافظين الجدد، وبعدهم برنار هنري ليفي، ساركوزي، ديفيد كاميرون وغيرهم. واحتاج هؤلاء بدورهم إلى ممثلين يقومون بالأدوار (أخوات القاعدة و«داعش») وإلى إخراج ومسرح (الربيع الخربي). هكذا نقلوا الرحى الطاحنة من بلد إلى بلد، والنظام العربي لا يسمع جعجعة ولا يرى طحناً.
قال: الآن تريد الجوقة المسيلميّة إطالة حبل الكذب بوصلات قدر الإمكان، لكن بلاغة موارد الطاقة في سوريا وحوض المتوسط قطعت قول كل خطيب كذوب. بات هراء التطرّف وهذيان التكفيريين كأنهما لم يكونا. انعتق الإسلام من أزياء الهالوين التي ألبسوه إيّاها افتراء وعدواناً. صدعت الاستراتيجية الإمبراطورية الجديدة، بأن مشكلتها ليست مكافحة الإرهاب، بل تطاول الصين وروسيا على هيمنتها. كل ذلك والنظام العربي لا يخطر بباله أن الفواتير تريليونية لا نجد في كل التاريخ مثالاً واحداً لحجم أهوالها الظالمة، في حين أن الفاعلين يعترفون ولكن بأنها مجرّد أخطاء لا تحتاج إلى أكثر من اعتذار عن حدوثها، لا عن نتائج الخطايا. قلت: إن النظام العربي أرحم من أن يدع الشعوب تفهم الواقع حتى لا تصاب بالجنون.
لزوم ما يلزم: النتيجة اللغوية: لله درّ لغتنا، تركت ثلاثي كذب وحيداً في قلبات حروفه الستة، فلا يوجد بذك، بكذ، ذكب، ذبك ولا كبذ!
abuzzabaed@gmail.com