خامنئي لا يرى الوقت مناسباً لمخاطبة الإيرانيين!
عمر عليمات
قد ينطبق على المرشد الإيراني علي خامنئي المثل الشهير، الذي يقول: «صمت دهراً ونطق كفراً»، ففي أول تعليق له بعد أيام من الاحتجاجات، التي تشهدها المدن الإيرانية وسقوط عدد من القتلى، خرج على الناس؛ ليقول إن ما يحدث في بلاده ليس سوى محاولات خارجية لزعزعة الاستقرار، وأن «العدو يتحين الفرصة؛ لتوجيه ضربة لإيران».
عن أي عدو يتحدث خامنئي، وشعبه هو الذي يتحرك في الميادين والساحات؟، إلا إذا كان الشعب الإيراني هو عدو خامنئي ونظام الملالي، والأدهى من ذلك، أن المرشد لديه ما يقوله؛ لكنه يبحث عن الوقت المناسب؛ ليصارح به الشعب، وكأن ما يجري من قتل واعتقال وإرهاب لم يصل إلى المستوى، الذي يرى المرشد معه وقتاً مناسباً ليخاطب الإيرانيين ويطلعهم على ما لديه بشأنه.
خامنئي ما زال يعيش وهم «الإمامة»، وأن ما يقوله لا يراجع ولا يحاسب عليه، وكأن أذنيه لم تسمعا صيحات الشعب وهو ينادي بسقوط الديكتاتور؛ ليخرج ويطلق عبارات مرسلة لا تغني من جوع الشعب، ولا تهتم لفقره وهمومه وآلامه..
الإيرانيون ليسوا كائنات غريبة لا تتعامل مع المحيط، ولا تعي ما يدور حولها في المنطقة والعالم، فهم يرون كيف تتطور الدول من حولهم، فيما هم يرزحون تحت ثالوث الفقر والبطالة والفساد، هم يعون تماماً أن بلادهم تمتلك ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بإجمالي ناتج محلي بلغ 412.2 مليار دولار عام 2016، وفي ذات الوقت يعلمون أن نسبة 60% منهم تعيش تحت مستوى خط الفقر، هم يدركون أن إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي، ورابع أكبر احتياطي من النفط الخام على مستوى العالم، فيما تصل معدلات البطالة بينهم إلى 12.5%.
الإيرانيون يقرأون هذه الأرقام وغيرها في وسائل إعلامهم ويسمعونها على ألسنة مسؤوليهم، ويرون حجم التناقض، الذي تمر به بلادهم، فكيف يكون شعب تمتلك بلاده كل هذه المقومات في مختلف القطاعات النفطية والصناعية والزراعية، فيما يعيش هو حالة من الفقر والبؤس والجوع، لا تعيش مثلها شعوب أخرى لا تمتلك بلادها ربع تلك المقومات؟.
الإيراني الذي نخر الفقر كرامته، قبل أن ينخر معدته فاض به الكيل، ولم ير سوى الشارع سبيلاً للتغيير ليقول كلمته «كفى!»، نعم كفى لهوس السلطة، التي تنهب ثروات شعب؛ لتروي ظمأها من دماء شعوب المنطقة، وتعيث فساداً غرباً وشرقاً لا لشيء سوى لأحلام توسعية عفا عليها الزمن.
«كفى» هي كلمة الشعب الإيراني، وليست كلمة الخارج كما يسوّق خامنئي وجنرالاته، «كفى» هي صوت عذابات شعب يئنّ تحت وطأة القهر اليومي، وهو يرى المليارات تهدر في سوريا ولبنان واليمن؛ لزعزعة استقرار الدول وقتل شعوبها، فيما هو محروم من منزل يأويه، فمن يملك راتباً عليه توفير ثلث هذا الراتب لمدة 96 سنة؛ ليمتلك منزلاً له ولعائلته!!.
الإيرانيون يرون في حكومتهم «الهوج» بعينه، فكيف لها أن توجه المئات من مليارات الدولارات لمنظومتها العسكرية العدوانية، وفي ذات الوقت شعبها يعيش ظلمات فوق ظلمات من فقر وجوع وتخلف وأمراض اجتماعية، وانتشار للمخدرات؛ نتيجة المشاكل المعيشية التي تعصف به.
كفى يا ساسة إيران تلاعباً بمصير شعبكم، كفى زعزعة لاستقرار جيرانكم، كفى محاولات تصدير ثورتكم المزعومة، كفى هوساً وولعاً بتأجيج الصراعات الطائفية، كفى ولوغاً بدماء الشعوب ومصائرها ومستقبلها، كفى خزعبلات لا أساس لها من الصحة.
وللمرشد نقول: كفى ضحكاً على الذقون، فالشعب الإيراني أذكى من أن تنطلي عليه مسرحية التدخلات الخارجية، فهو يعلم أنه شعب ثائر ضد نظام فاسد أُعطي مئات الفرص ليصحح مساره، إلا أنه أبى إلا أن ينتقل من مستنقع إلى آخر من دون أن يلتفت لشعبه ومصير أمته.
إيران اليوم ليست إيران الأمس، وإن استطعت أنت ونظامك البائس إخماد هذه الثورة، فلن تُخمد الثورة المقبلة، والأيام دول، وسترى بأم عينك كيف يقلب شعب إيران الطاولة على رؤوسكم ويقول كلمته «كفى» طغياناً.
olimat25@yahoo.com